أرشيف 2020


أبريل 2020 FB
1
رآني شقُّ الإيمان بالعام الماضي، والقنوط يقطر من كلماتي، والغضب يشق صدري، فقال: إن الله يُمهلهم، وهو مهلكهم!
ولن أداوركم، قد هجَّن شق الدنيا منطقه، وقال: لا أومن بهذا.. والهلكة تعم في الآخرة.. أما دنيانا فقد ولى زمن المعجزات والبلاءات الكبرى.
وصارحته، فقال: بل أؤمن بربي العظيم المنتقم أنه مُبيد خضرائهم.. متى شاعت تلك الفاحشة بقوم ولم يُتبِعُها شهابا رصدا؟ متى قلبت المجتمعات تلك الفِطرة إلا وأوجعهم بالفواجع والنائبات؟
فقلت: إن أصبت فلن يختص البلاء بقوم دون قوم.. بل يُدمي الله كل بيت في كل بلد قرت وأقرت، تبجحت أو صمتت.. فتعمنا الرزية، ونغرق في الدواهي!
فأنكر أعجاز الكلام وذكَّر. وأنكرت منطق الكلام ونسيت.
ثم صدق هو في صدره، وصدقت أنا في منتهاه.
فرحماك بعبادك يا رب العالمين.
-----------------
2
أليس حديثي عن أن هذا الوباء علامة غضب من الله، فلعله عقاب للناس على ما صنعوه من جرم وما ارتكبوه من فحش وآثام =مما قد يسبب موجة جديدة من الإلحاد؟
قلت: أبعد كل تلك الأعوام تظنون الإلحاد إشكالا عقليا منطقيا؟ أو أن صاحبه عرضت له شبهة فاهتز أو سمع خطابا منفرا فكفر؟!
لا والله، قد رأينا أنهم أصحاب نفوس خبيثة، وأفهام منكوسة، وما شأن الملحد إن يكفر يرسم في الساعة صور للنبي يهزأ به، وينشر صفحة يسخر فيها من القرآن، ويخترع النكتة تلو الأخرى على رب الأرباب، ويجهر بارتكاب كل موبقة حرمتها الفطر والأفهام، ولا يناصر إلا كل كافر معاد للإسلام من أي دين أو ملة؟! وما شأن الملحدة إن تكفر تملأ صفحتها بصور عارية لها، أو لنساء ورجال يفحشون ببعضهم البعض، ولا تتحدث إلا بالإقذاع والزور على أمات المؤمنين، والإفك والبهتان على المحجبات والصالحين، وتفح غلا لا تطيق صبرا أن تبيد حواضر الإسلام ويُذل أهله؟
تلك نفوس معتلة، خذلها الله ومنعها التوفيق، ألحدوا أم ظلوا على إسلامهم، ألا ترى القوصي ورسلان وغيرهما؟ أناس فجار في الخصام، بذاؤون في الجدال، فتانون للعوام، محرضون للظالمين، ثم يحسبون أنفسهم أنصار الملة وحماة السنة!
وأنتم ترون فسلا جاهلا أحرقه الله بحقده، اسمه حرقان، أحسن إليه بعض المسلمين وهو يجور في حق ربهم ونبيهم، ثم هو يقول برجعته إلى الإسلام، ويسعر ليلة عودته الحرب على ذوي الأيادي البيضاء من الدعاة، الذين سخروا أوقاتهم لدفع خبالات الدارونية وغيرها من أركان الإلحاد؛ فهاكم نموذجا أبين من الشمس في قلب السماء، أن الشخص الملحد إذ يفعل لا يكون لعلة غيره، بل لخبث طويته، وسقم عقله، ودناء نفسه، وأنه نجس الخِلقة ألحد أم بقي على إسلامه، فقولوا ما شئتم منضبطين بالقرآن والسنة، ولا تخشوا سوى رب الأرباب وحده.
------------------
3
الحمد لله،
درست علوم الميكروبات في البكالوريوس، وحصلت على الماجستير فيها، ودرست الكيمياء الحيوية كذلك / ودرست العلوم السياسية، وأنهيت تمهيدي الماجستير في العلاقات الدولية / ودرست الشريعة في ‏كلية دار العلوم.‏
ثم بعد كل ذلك لم أجد في نفسي منذ بداية أزمة الكورونا تلك معشار ما عند بعض الناس من كلام وتحليلات ‏بيولوجية وميكروبية وسياسية ودولية وشرعية بل وفلسفية! ‏
وقد دهِشت حينا من اليقين المُطلق عند جمهرة المتكلمين، وذهبت لأقرأ الأوراق العلمية الصادرة في تلك ‏النازلة فما وجدت إلا النزر اليسير من القطع، فالجميع غارق في الشك بكل موضع ومفهوم ومتحير في أدنى ‏الحقائق المتعلقة بهذا الفيروس كسبل انتشاره. بل إن بعض الحقائق المتداولة التي يتعامل معها الجميع بيقين، ‏مثل انتقال الفيروس من أكل الخفافيش ومن سوق وهان = مشكوك فيها ابتداءً، إذ قيل إن أولى الحالات لم ‏تكن تتعامل مع هذا السوق وذاك الطعام!‏
وأنا عارف بحيرة المجتمع العلمي، معتاد عليها؛ وأعلم أن ألف نظرية لا تعني سوى غياب أي معرفة دقيقة أو أي حقيقة ثابتة سوى العموميات / وحدهم غير العارفين بالمجتمع العلمي هم من يعتقدون أن أولئك الكهنة في المعامل ‏على الأمراض قادرون وفي الميكروبات متمكنون!
إنما ضعف العلم من قوة الله وتعقيد خلقه ثم وهن الإنسان؛ وقوة الإنسان ‏من توهمه وخياله وظنه في نفسه العلو. فقط من فغروا أفواههم قبالة ترهات العلمويين الذين سادوا الشباب طوال ‏السنوات الأخيرة هم من حسبوا كمال المتن في أعجاز نخل خاوية!‏
فمن أين جاء الناس بكل ذاك الحديث عن أدق خصائص هذا الفيروس؟ ثم كل ذلك اليقين! أواه ‏من اليقين! يقين راسوخ حتى إنهم يؤسسون فوقه ملاحاة وخصومة!
أما عن التحليلات السياسية واستشراف المستقبل الدولي فحدث ولا حرج!
من تفسيرات وحدة التحليل ‏الرئيسية فيها هي المؤامرة المحضة لا غير! إلى استشراف مستقبل يقوم كله على أماني وأحلام البعض، ‏المستقاة من أفلام نهاية العالم أو أحاديث فتنة آخر الزمان!
من المتآمر؟ الصين أم أمريكا؟ أتبدأ الصين ‏مؤامرتها في قلب بلادها؟ أم أن أمريكا تتآمر على الصين بإصابة ألوف الناس في طول أمريكا وعرضها، وبنشر الذعر عند ‏أرؤسها، وبالتسبب في حرج الحالة الصحية لحليفها الأبدي بريطانيا من أعلى رأس لأصغر ظفر؟! من المتآمر؟!
ثم تكون ‏المؤامرة بفيروس؟ أنشط خلق الله تحورا وتشكلا! هب أن معك علاجه، علاج هذه الصورة منه، أتحسب أنه ‏بعد شهر وإصابة الملايين سيكون هو ذاته الذي أنتجته وعرفت لقاحه؟ هذا أخطر سلاح في الحرب ‏البيولوجية ولا نعرف دولة في التاريخ اجترأت على استعماله بتوسع! الكل يعرف أنك ستطلق كلبا عقورا ‏سينهشك أنت نفسك بعد دقيقتين!‏
أما عن الإفتاء الشرعي في كل شيء فقصة أخرى! نعم نرى بأعيننا الآن ما هو معروف لدينا منذ سنوات، ‏أن القابضين على ألسنة الشريعة في مصر قلوبهم أنجس من قلب ابن سلول، إلا أن كثيرا مما قالوه فيه ‏الحق بذاته، مثل منع الجماعات مطلقا.
والعديد من جوانب النازلة المعاصرة مختلف عن نوازل الأعصر ‏القديمة؛ فمن ذلك أن مصدر الطواعين السالفة كان مجهولا. كما أن أسلوب التعامل المجتمعي معه كله من ‏المستحدثات إلا القليل = وعليه كان من الأحسن لو أقلَّ الناس من النُكر المُطلق!
لكن من أفتى في البيولوجيا ‏والسياسة الدولية بعشرات الأقوال والمقالات دون دراسة، ما يمنعه بأن يستكمل الإفتاء في هذا الشأن؟!‏
فكنت أرى كل ذلك وأعجب، ولا أنكر أني سعدت بما رأيته عند البعض من حب طلب العلم حقيقة، والشغف بتثقيف ‏النفس دون الهلع من حاجز عدم التخصص، ففي أشهر قليلة صرت أثق في كلام بعض من لم يتخصصوا، لأنهم طلبوا العلم من مظانه ومن ‏الدراسات والمصادر القوية، ولست ممن يهزأون بمن تعلم وحده لمجرد عدم أكاديميته، فقد شارفت قضاء ربع ال‏قرن بين الجامعات والكليات المتنوعة، وأعرف المهازل والمساخر، وأدرك كذب كل من انتسب ‏إليها ثم فاخر بها وسخر ممن لم يدخلها! وما تعلمته من خارج الجامعات أضعاف ما تعلمته فيها / غير أن ‏أولئك الأفذاذ المنفردين ندرة، والغالب لا يفرق بينهم وبين غيرهم ممن يتكلمون في ألف شأن بألف فتوى!‏
بيولوجيا: هذا الفيروس نازلة كبرى غير مسبوقة، ولو أصاب خمسة بلايين من السبعة الأحياء على هذا ‏الكوكب - خاصةً أن انتقاله مذهل وسريع ومجهول الكيفية - ثم ظلت نسبة الوفيات بين 4 - 9% فهذا معناه ‏وفاة ما يزيد عن 200 مليون إنسان! أي أكبر كارثة مدمرة في تاريخ البشر! لماذا العالم مذعور؟!‏
‏ كما أن تلك النسب كلها في دول العالم الثري؛ فماذا سيجري في الدول الفقيرة والفاسدة؟ وكيف ستكون ‏الأرقام حينها؟ ثم ما هي علة تباطؤه في الشرق الأوسط ما عدا إيران وبعض مناطق العالم الأخرى؟ لماذا ‏يهرول هناك ويسير متثاقلا هنا؟! كل هذا لا أقول إنه يحتاج لدراسات مكثفة.. بل أقول إن هذا الوباء قد ينتهي ‏وتمر العقود ولا نعلم له إجابة! وهذا مقبول معروف علميا، محظور منكور علمويا!‏
سياسيا: الشيء المؤكد الوحيد أن هناك تداعيات ستحدث. لكن في أي اتجاه؟ لماذا يصر البعض أن أوروبا ‏والاتحاد الأوروبي قد انتهى أو أوشك على الغرق؟ لم لا يكون ما يحدث الآن من خراب اقتصادي أدعى لأن يتماسك ‏الأوروبيون بعد تلك الكارثة، للمصلحة البحتة لا للإنسانيات، إذ أن هشاشة اقتصاداتهم حينها قد تدعوهم ‏للتحالف؟ وربما تدعوهم لمحاربة بعضهم البعض! وربما تدفعهم لمحاربة العالم الأفقر كي ينهشوا من لحمه ‏كما اعتادوا! وربما يعجزون عن محاربة العالم الأفقر لأن العالم مُقسَّم بالفعل بين أمريكا ونفوذ روسيا ‏والصين! كل هذه الاحتمالات قائمة! فمن أين كل تلك التفاسير اليقينية والاستشرافات الجازمة؟
أما شرعيا: فمثل البيولوجيا.. هذه نازلة كبرى.. نزل بالمسلمين ما هو أشد منها، نعم، هذا حق.. لكن الفارق ‏في أننا نقابل هذا الوباء / الطاعون الجديد بمعارف مختلفة.. وبالتالي الاحتجاج بفتاوى سالفة باعتبارها ‏حجة في نفسها غير صحيح.. ويعرف الشافعية مثلا أن الماء المشمس كان مكروها في المذهب، لاعتقاد ‏الناس والفقهاء منهم في قديم الزمن أنه يسبب البرص، قبل أن يدحض العلم تلك الخرافة؛ فليست كل فتوى ‏مذكورة في كتب الفقه تُستخرج للاحتجاج بها بذاتها دون أي اعتبار.‏
ثم أني بعد كل ذلك كنت أحيانا أسائل نفسي: ما بالك لا تقول برأي؟ أنت درست كل هذا! ثم تجيبني نفسي بسؤال آخر: أيمكن ‏أن يكون سكوتي عن القول برأي واستشراف وتفسير، علته أنني درست كل هذا؟!
وليس هذا مدحا في ذاته!
ويعلم دارسو السياسة أن إحدي أكبر معوقات صنع القرار الخارجي هو كثرة المعلومات فوق المطلوب! وأن ‏الأمثلة تُعرِّفنا بأن القائد السياسي الذي لا يملك مؤسسات استخباراتية كبرى ومعقدة تزوده بألوف المعلومات ‏كثيرا ما يكون أحزم لقراره وأوفق للرشاد من نظيره الذي يملك كل ذلك السلطان ويعرف عنه حتى مواعيد دخوله الحمام!
إذا ‏علمت عن شيء أكثر من اللازم، ستعجز عن التيقن بصحة توقعك أو قرارك، وبالتالي ستقف حائرا وتطيل!
وهذا هو علة صبر بعض ‏الأزواج على بعضهم؛ فأنت قد تسمع عن واقعة بين زوجين ترى فيها الحق جليا، وأن الواجب على ‏أحدهما هو الفعل الحازم كذا، ثم تعجب أنه لا يُتخذ أبدا، إذ أن كلا منهما أعلم بدواخل الآخر، وأفقه بدقائق ‏حياتهما، وأخبر بنفوسهما، وكل هذا يُعقِّد القرار، ويحول دون اتخاذه لعمر كامل! / وعدم إدراك ذلك من بلايا المشورات الإنترنتية ‏السريعة، ورزايا صفحات ومجموعات النسوة والرجال ومشايخ قصف الجبهات، الذين يُفتون في العِظام من الأمور، بسطر أو سطرين يُعرفانهم بحياة المستفتي! وقل مثل هذا حتى في كرة ‏القدم، فقد قال فينجر، المدرب المشهور في هذا العالم، إن أحد مشاكل الوقت الحاضر هو امتلاك المدرب ‏المعرفة الدقيقة عن أدنى تفصيل في الفريق الذي سيواجهه، وهذا يُعقِّد القرار ويسبب الارتباك والحيرة في اختيار الخطة الأنسب!‏
إن الحزم في القرار للجاهل بالمُفصَّلات أيسر من شربة الماء، والتردد فيه من سمات العارفين! سواء في ‏هذا رئيس الجمهورية، والشاب الذي يفكر في الزواج من مألوفة لديه!‏
أيكون ترددك إذن أحسن، أم يقينك؟
ولا أنكر أنه حتى هذا السؤال يحيرني!‏
والله المستعان!
----------------
4
في مباشر ليلة أمس، قال شخص متهكما على المصريين -الذين هو واحد منهم!- ’الشعب المصري لا أصل له.. الحمد لله أنني أعرف أصلي من قبيلة كذا في الجزيرة العربية‘.. فهنأته وطبقت فيه أمر رسول الله، قلت له: ’اعضض أير أبيك‘!
وأعتذر لرسول الله أني كنت أتحرج تنفيذ أمره أمام أولئك / لكن الحق أن لا حل معهم سواها!
وليجرؤ متعزٍّ بجاهلية بعد ذلك أمامي!
ثم من تعزَّى وفخر بأمر من أمور الجاهلية، لا يجد إلا المصريين ويصنع ذلك معهم؟!
--------------
5
ورد في بعض النصوص المصرية القديمة، تسمية الخالق الأول الذي بدأ العالم وحده (مرّف-إيرّف) أي. الذي هو ’متى يشاء - يفعل‘. وهي شديدة الشبة بوصف الله سبحان وتعالى نفسه بأنه الذي (يقول للشيء كن فيكون).
-------------
6
ومن الفوارق الخفية الضخمة في آنٍ، بين محبي الشريعة المعاصرين، المصريين خاصةً، وبين السابقين، سعة الأفق الواضحة في فهم السالفين الواقع على ضوء آيات الله، مقابل ضيق الأفق الجلي في المعاصرين، على تكبرهم وغرورهم واتساع اطلاعهم حقيقةً مقارنة بالمتقدمين، لكنهم في توسعهم بالقراءة كنهر قاعه جمر لاهب وحمم مركوزة، يمشى فيه الماء الكثير ولا يتوقف، ويغلي طوال الوقت ويتبخر، فلا هو ينفع المحيطين به، بل يؤذي الشاربين، ويقتل الخائضين، وكل كائن مهما خس ونزر، ولا هو يجتمع فيه شيء، وإن جرى فيه الماء ليلا ونهارا!
ولأضرب لكم مثلا. اقرأوا تفاسير الإسلاميين في القرن الماضي للقرآن، وانظروا كيف فُهِمت قصة فرعون وظلمه، وكيف حُدِّث عنها باعتبارها أساس سياسة المجتمعات الطاغية عامةً، وأن ذاك سبب فرد كل تلك المساحة لها في القرآن الكريم، وقد كان المتقدمون قبل أقل من ربع قرن لا يتحدثون سوى عن صورة عامة، وهم في صنيعهم ألصق بالمفسرين والسلف =ثم قارن بأذكياء عصرنا، وألباء زماننا، الذين تشعبوا وصعدوا واتسعت مداركهم، وفاقوا السابقين ونقدوا، كيف أن الكثير منهم يفهم قصة فرعون أنها خاصة بالشعب المصري الذليل، يقرأون القصة لا تجاوز حدود بلدهم، وينبني على ذلك اضطرابهم في فهم واقع البلدان القريبة، التي فتنتهم ببعض مظاهر الحريات فيها، مقتدية بالغرب ربع اقتداء، هذا وكل شربة من حرية يعطونها لك، يسقونك معها خمس قلال من الإفساد الغربي وقيمه الوضيعة، كأنما لا يكون هذا إلا بذاك، ولا حرية لك كمسلم في قول، إلا بتحرير الفاسق في ألف قول وعمل!
ولم يفلت من أولئك إلا ندرة، إن شئت سميتهم، ولله الحمد أن عرفهم الناس بشرحهم القرآن وتفسيره، وخطابهم عام، فيه روح القرآن، ليس انقلابا على المتقدمين والسلف، وإنما امتدادا لهم، وأحسن بهم امتدادا، فجزاهم الله خيرا وحفظهم من الكائدين وأنفسهم، وجمع الناس لهم وقرب القلوب إليهم، هم الباقون.
---------------
7
كنت قد خصصت جزءا في فصل الشريعة بكتاب دين المؤتفكات جعلته لمناقشة مسائل سنحتاج لنقاشها قريبا، منها مسألة جماع غير الحي ذي الوعي الصناعي (العرائس / الروبوت)، وأعرف أن بعض الإخوة كانوا يتعجبون من هذا القسم (الافتراضي) خاصة أني لم أقف على فقيه معاصر منشغل به، وذكرت أن الغالب سيكون ضم تلك إلى مسألة العبث بالآلة والتي فيها التعزير، لكني ناقشت خطورة ذلك الرأي رغم قربه للمذاهب -بكلام لا لزوم لنقله هنا.
تذكرت كل ذلك وأنا أسمع عن مسلسل يتحدث عن مستقبل مصر وفيه تقول امرأة إن (الروبوت) زوجها، وهي أمور قد تجدها في الأفلام الأجنبية أما أن تجدها في الدراما العربية فله تبعاته، وأظن أن بعض الناس والشباب الصغير سيتأثر وربما يظن هذا ممكنا أصلا! وإياك -وأنت ترى مهرجان نصرة المسخ والشعبذة- أن تنكر!
وسنحتاج حينها لخطاب يدرك مسألتين:
أولا: وجوب التنبيه على بطلان كل ذلك، فالحياة ركن في اعتبار حدوث الجماع حلا كان أو محرما (وهذا يعرفه كل متفقه من التراث).
ثانيا: وجوب الانتباه لخطورة الصور الجديدة لغير الحي، وأنها توشك أن تقارب الحيوان الأعجم، وأميل لتصنيف تلك الآلات ذات الوعي المصنوع في ذلك الصنف، كيلا يعبث بها العابثون ذكورا وإناثا، فيكون للدول الإسلامية تشريعا زاجرا أكبر من التعزيرات الخفيفة -كما عند الأحناف، كالقتل سياسة- وإلا فُتِح باب شر عظيم.
كما أن على الجميع الهدوء والتفكر في أبعاد تلك النازلة بتأنٍّ، وأحسب جمهرة القارئين لا يعرفون ما وصل إليه المجرمون من تطورات في هذا الموضوع، وما اقتربوا منه من تطورات في جهة الفُحش تحديدا، والله الستار.
----------------

مايو 2020 FB 
1
ماذا كان سيصبح شكل كتب اعتقاد المسلمين إن لم ينزل بهم بلاء المنطق اليوناني ووباء فلسفتها؟!
سنن وأحاديث؟ أقوال لفقهاء وصحابة وتابعين؟ التزام بمصطلحات الشرع وحده؟ نبذ لأقوال أمم الوثنيات الماضية وتحقير إلاهياتها واستعلاء بالمعتقد الصافي من دخائل الضالين؟!
ذاك يا صديقي كان مشروع ابن تيمية الأكبر!
لا جهاده ولا زهده ولا شيء، كل ذلك كان عارضا في مشروع عمره: محو سلطان اليونان ومملكتها التي سودها على أعظم المعتقدات قوم ظنوا فيها (آلة تعصم الذهن من الخطأ)!
كان ابن تيمية يجتهد في استعادة لحظة ما قبل الترجمة! ما قبل تفتق ذهن شخص ما عن وجوب استعمال تلك الفلسفة في (ضبط) معتقد المسلمين! لحظة انهماك التابعين والصحابة في التفقه بالشرع والتخلق بالدين وعدم الاستغراق في دقائق غيوب ماهية الله! لحظة سيادة الإسلام وترفعه عن الدخول في جدل ونظارة مع الكفار والمعاندين!
ذاك مشروع ابن تيمية الرئيسي.. استعادة لحظة كان الناس يظنون أنها مضت وولت بلا رجعة وأن يونان هم الحق المطلق في التصويب والتخطئة، ففلق فلسفة يونان ومنطقها ثم بعثرهما إلى جزر متشعثة مضاهأة لخريطتها!
ولا أعجب أكثر من مجالد لآثار الليبراليات ونظائرها على معتقدات المسلمين، مبيِّن لعدم افتقارنا لها، وابتداع من سلطها علينا بزعم كونها الحق المطلق =ثم لا يُجلُّ ابن تيمية!!
رحم الله الإمام العظيم، وغفر الله لمن نبذوا ناصر أحمد والبخاري وفخروا بشارح أرسطو وإيساغوغي، ثم قالوا نحن أهل السنة لا شريك لنا! هيهات!
-----------------
2
بل أرى أن في فعال النساء هنا خير للمؤمنات، إذ لا ريب أن بعضهن كن يحملن ريبةً في جملة أحاديث وشرائع تمنع النسوة من تولي المهمات وتؤكد غلبة الطيش والخفة عليهن، وتعرف أنهن أتبع من الرجال للدجاجلة أضعافا مضاعفة، وأن تمسك جمهرتهن بالشرائع أساسه العاطفة ككل شيء في حياتهن، وأنهن أقرب للظلم من العدل مع الصالح المصرح بأدنى ما يسوءهن وإن صح المنطق، وأقرب للعفو من العدل مع الزنديق المنافق بأخس ما يهوين وإن فحُش الغلط. ولا أشك لحظة أن كثيرا من المؤمنات قد رجون لو كانت النساء قد بقيت غائبة عن ذلك الظهور العام في مواقع التواصل، حتى لا تنكشف تلك العورة التي لا ساتر لها من السفاه، وتنتشر تلك الثلمة التي لا جابر لها من النزق، حتى استوت فيهما المنتقبة ابنة الدرس الشرعي مع المتبرجة ابنة الطاغوت العلماني.
فالحمد لله على ذلك التصحيح العملي للشريعة، والحول والقوة له وحده في موجات الزندقة والفسوق المتتابعة التي تموج في النسوة والبنات بلا كابح، والله المستعان على هذا الزمان الأنكد.
-------------------
3
عن الهجرة، مختصر بتصرف من مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج:
قد شرطوا للمُكثِ بدار الحرب على المستطيع العودة إلى بلده الآتي: رجاء إظهار الإسلام بمقامه، فإن رجاه فالأفضل الإقامة، قال الماوردي: في إقامته يقاتلهم على الإسلام ويدعوهم إليه إن قدر / وإلا فلا وجه لإقامته.
وإن لم يمكنه إظهار دينه أو خاف فتنة فيه (وجبت عليه) رجلا أو امرأة الهجرة لبلاد الإسلام وإن لم تجد محرما، إن أطاقها المسلم.
ويلتحق بوجوب الهجرة لبلاد الإسلام من دار الكفر من أظهر حقا ببلدة من بلاد الإسلام ولم يقبل ولم يقدر على إظهاره، فتلزمه الهجرة من تلك.
فإن استوت جميع البلاد في عدم إظهار ذلك فلا وجوب بلا خلاف.
[تعليق: من يظن أن مصر والعالم العربي عامةً يستويان مع أمريكا والغرب في عدم إظهار الشريعة، ومحاربة أهلها، فأضل من حمار أهله ولا كرامة]
--------------------
4
رأيت اليوم كلاما لأحمد خيري العمري، يعلن فيه ساخرا وغاضبا في آن استحقاق المسلمين المطالبين بالشريعة، أي الإسلاميين في الاصطلاح الحديث -أو من يخالفونه منهم إذا عد نفسه إسلاميا- كراهية الناس لهم، ومناسبة ذلك جهرهم بمخالفة الناس في كل ميتة لفاسق مجاهر توفي داعيا إلى فسوقه كالممثلين ومن شابههم.
وأعجب والله من نصرة بعض الناس لهذا المنطق في التصويب والتخطئة، أي منطق حب العوام، وقد رأيت مثله قبلا من د. هبة رؤوف وبعض من اشتملته فكرة أن الإسلاميين منبوذون لأنهم يصادمون مجتمعاتهم.
قلت: وسيظلون أبدا في حالة نبذ وكراهية من المجتمع، طالما بقيت ثقافتهم (مضادة) معاندة لا مسايرة فيها لثقافة المجتمع الرئيسية، وهذا شرف لهم يستحقون به الرفعة في الدارين.
فثقافة المجتمع الرئيسية تتغير أسسها وتتبدل، بينما الشرع لا يتبدل، فإن تغيرت الثقافة الرئيسية إلى النقيض، تحول أصحاب الثقافة الأصيلة الشرعية إلى ثقافة منبوذة مضادة، وأمثلة ذلك في التاريخ والأمم لا حصر لها.
فقد تبدلت ثقافة المجتمع الرئيسية عندنا مثلا وتغيرت في المجتمعات الجديدة مرات عدة، وقبل مئة عام فقط كان الذي يمتدح فاسقا مجاهرا -كالراقصات والممثلين والممثلات- بين الناس هو ثقافة مضادة، بينما ثقافة المجتمع الرئيسية كانت تلعنهم وتُحقِّر من يتفهمهم، واسمعوا إن شئتم أو اقرؤوا سبب صعود نجم الممثلات الشاميات واليهوديات حتى منتصف القرن الماضي في مصر، فالتمثيل كان شبهة دعارة، وفسوق وفضيحة، عند المسلمين والنصارى معا، ولتطلع على سير الممثلتين أمينة رزق، المسلمة، وسناء جميل، المسيحية، وكيف أغلظت لهما الأسر وتبرأت منهما حينما أردن المشاركة في منبع الفسوق المجتمعي في الأرض كلها خلال القرن الأخير: صناعة التمثيل.
لكن انتكست الفطر والأحوال، وصار الممثلون من نُخب المجتمعات، خاصة العربية، فأصبحت الثقافة الرئيسية الأصيلة الممدوحة اليوم = هي التي كانت مضادة، ضد الأمة وضد المجتمع، قبل قرن واحد أو أقل، حتى نقلت اعتماد خورشيد عن عبد الناصر مقالة تنم عن احتقاره لفئة الممثلين والمجال كله في لقاء بينهما / بينما أصبحت الثقافة المضادة التي لم يكن ينصرها سوى العلمانيون المتطرفون قبل قرن واحد، وكان أصحابها أعداء للمجتمع = هي الثقافة الرئيسية التي يُطالب الإسلاميون اليوم بأن يستخفوا بما يخالفها ولا يجهروا بغير مقالتها!
وقل مثل ذلك عن اللوطية في أمريكا، مما بينته في الفصل الأخير من كتاب دين المؤتفكات، وأوضحت كيف تحركت ثقافة مضادة، إلى ثقافة فرعية، ثم إلى ثقافة رئيسية / أما سبب مدح الغرب لذلك = فراجع لإيمانهم بالتقدم والتطور المجتمعي أكثر من إيمانهم بأي إله، فكل (تطور) خير، طالما عدوه خطوة في (تحرير الإنسان)!
وتلك ظاهرة عامة في الأمم، وليست وظيفة المسلم -الذي تحول إلى إسلامي رغما عنه- إلا حفظ ثقافته التي هي دينه، وإن غضب المجتمع؟ نعم، بل تحديدا إذا غضب المجتمع. وستظل ثقافة الإسلاميين مضادة إلى أن يأذن الله فتعتدل الموازين، وتصبح المعيارية للتصويب والتخطئة هي الشرع كما كانت قبل استيطان العلمانية بلادنا المنكوبة.
أما حب الناس معيارا، فنتركه للأفذاذ مثل العمري، الذي يعيش في معشوقة العرب الإمارات، ويمدحها وينصرها في كل حين، وأياديها الطيبة نلمسها في كل موضع، أو، إن شئت الدقة، نحترق من نار مؤامراتها ولهيب أموالها في كل مكان، وآخر حسناتها سعيها قبل انتهاء رمضان في إنجاح انقلاب علماني عسكري تونسي، كما ورد بالصحافة التركية.
فاعلم أنك بتمسكك بالشريعة ستظل ثقافة مضادة = طالما ظل المجتمع علمانيا! والويل كل الويل إن أنت تركت إنكار المنكر وإحقاق الحق والأمر بالمعروف، ويوم القيامة الكل آتيه فردا / أما المساكين من الباحثين عن (حب مجتمعاتهم) لهم، نصرة للإسلام، فلا بأس! قد قالها وعمل بها أقوام قبلكم، حتى داهنوا ولم يكد يبقى لهم شيئا من الديانة والإنكار، طمعا في حفظ الود مع الناس، فأدال الله دولهم بأخس البشر وأحقرهم مظهرا وأدونهم مخبرا، ولعب بهم في الدعوة والسياسة كل سفيه من الأراذل، وفاقهم حبا عند المجتمعات والشعوب كل سخيف من المهرجين، فمن لم يتعظ من ذاك فليس له واعظ.
----------------
يونيو 2020 FB
1
فاضل سليمان ليس هو بالشخص الذي يتابعه إنسان عاقل صاحب معرفة وعلم، أو صاحب دقة فهم وحسن تعليل، وفي كثير من أفعاله ومواقفه سفاهة وكبر.
هذا رجل (دعوجي: بتاع دعوة)، ضحل الفكر، براجماتي المنطق، نموذج للإسلام الأمريكاني (المحافظ). هناك إسلام أمريكاني متلبرل صريح، وهناك إسلام أمريكاني (محافظ)، والرجل من النوع الثاني.
روج قبلا للداروينية المتأسلمة وكانت علته الصريحة (أنه بها أصبح بمقدورنا أن نقول للملحد ابق على إسلامك وكن داروينيا.. عندنا في الإسلام رأي بيقول بيها)!
روج لمنهج موبرلي - نيكولوسي مؤخرا في فيديوهاته عن اللو/طية، وجعله هو المنهج الصحيح والأوحد، وعلته (إن عندنا في الدين تعاطف مع المث/ليين، بس لازم يتعالجوا)!
والآن يخرج يقول لنا عن اللو/طية النافقة سارة خرة، بأنها (تابت) قبل الموت، ومصدر الأستاذ هو (ملحد مجهول) كان صديقا لها! أأدلك أنا على ما هو أقرب: رسالة انتحار الملعونة، والتي بينت فيها أنها لم تستطع تحمل (العالم)! العالم الذي حاربته لأنه ضايقها على لوطيتها!
هذا رجل (دعوجي)، والفرق بين الدعوجي، والداعية إلى الله، كالفرق بين السماء والأرض، فالدعاة إلى الله رأسهم علماء الشريعة، ومتنهم طلبة العلم، وأسفلهم الوعاظ المرشدين إلى دين الله كما هو، أما (الدعوجية) فمقاولون حواة، يريدون إنجاز أكبر عدد من الوحدات وتسليمها إلى (المجتمع الإسلامي)! طيب يا سيدي أين الأبواب؟ أين الأساسات؟ أين التجهيزات الكهربائية؟ أين المياه؟! لا! المهم الإنجاز! مقاولو أنفار!
=
معركة سارة حجازي عند العلمانيين مهمة فوق ما تتصورون.
الهالكة وصلت لأقصى مدى في كل شيء بالدنيا:
* لوطية، لها صور في السرير مع نسوة، وكانت تفخر على صفحتها بأنها (تدعو للفسوق والانحلال)، وأنها (من المتشبهات بالرجال من النساء). وكانت تنشر بانتظام صورا عارية للنساء.
* ملحدة متجبرة، لها في مدونتها مقالات تُشيب الوليد من الجرأة، فهي تهزأ بالله وتسخر منه مطالبة البشر بالتضامن لمحاربته والانقلاب عليه والجلوس مكانه، والكثير من الكفر الوقح المجنون الذي يخشى التصريح به إبليس نفسه.
* ناشطة جدا، من أحضان نساء إلى ركض في الشوارع مع تنظيمات (ثورية) تحارب الدين والمجتمعات كافة حتى الغربية إلى كتابات ضد الله!
هذا مزيج من الكفر والفحش والطغيان يخشاه فرعون موسى ذاته!
وتعاطفك مع تلك الهالكة ليس بعده بعد!
---------------
2
سبحان الله!
كنت قد ذكرت في الفصل الخامس والأخير من دين المؤتفكات، أنني أظن والله أعلم أن عقوبة قوم لوط بقلبهم، وجعل عاليهم سافلهم، سببه أنهم قلبوا الفطرة ونكسوها، وتحرزت في رأيي ذلك خشية أن أكون مبتدعا ما لم يقله أحد في تفسير الآيات. ولكني سميت الفصل الأخير المذكور، والذي يتحدث عن كيفية تطبيعها في المجتمعات ونكس الفطرة: عاليها سافلها!
اليوم رأيت هذا الكلام، للإمام ابن القيم رضي الله عنه.
--------------
3
من الأساطير عن عبد الناصر، التي قد يُعفى عن مروجيها بسبب طغيانه، لكنها تظل أساطير لا حقيقة لها:
1) أن مصر هُزِمت في حرب اليمن، غالبا من قرأ ذلك لا يعرف أحداث حرب اليمن ولا أي طرف انتصر فيها، برغم أن تلك الحرب تحديدا أحد أسباب ما يحدث حاليا من ثورة الحوثيين وهياجهم رغبة في استعادة ملك البلاد.
والنقد الذي يوجه لناصر فيها هو تحميله البلاد حربا تحتاج إلى قدرة قوة عظمى لأنها لابد ستطول، في نفس الوقت الذي كان يحشد فيه لمواجهة إسرائيل ومن وراءها من قوى عظمى حقيقية!
2) أن مصر تدمرت على يديه في كل مجال، والحق أنه كان يحاول محاكاة السوفيت الذين كان نموذجهم مبهرا في الخمسينيات والستينيات كدولة زراعية متخلفة انتقلت إلى عصر الصناعة وأصبحت قوة عظمى وصارت ندا لأمريكا، في الوقت الذي كانت قدراتها وتاريخها في التصنيع وتجميع وسائل القوة الاقتصادية والعسكرية مشابهة للدول المتخلفة عسكريا واقتصاديا في العالم الثالث، فكانت نموذجا مبهرا لا لناصر وحده إنما لأغلب أهل عصره غير الغربيين، والنهضة الصناعية التي نفذها لم ترها مصر قبله ولا بعده، وهي مرحلة فريدة في تاريخ هذا البلد، ولولا تعجله الثمرة، لربما كانت مصر من أهم مراكز الصناعة في الشرق الأوسط كله، أكثر من موقفها الحالي بكثير، إضافة لما صنعه من جاء بعده من جرائم في حق القطاع الصناعي.
3) أن الفقراء عانوا معه = والحق أن عصره كان فريدا في عصور مصر على مدار تاريخها كله! والحقوق التي نالوها في عهده من تعليم مجاني راقٍ، وتوظيف فوري، وتقليص للأرستقراطية وفحشها في الثراء والاستعراض = أزعم أن لم ينلها مصري لا قبله ولا بعده منذ عصور ما قبل التاريخ المدوَّن!
4) أنه أهان المصريين، والحق أن الذكرى الطيبة للمصريين عند كافة العرب، من المغرب مرورا بالجزائر وصولا إلى الخليج العربي، كلها كانت من عصر عبد الناصر تحديدا، بل عصره هو وحده لا غير، فلا مصر كانت قبله مصدر تدخل في الشؤون العربية، بصلاح أو بسوء، ولا مصر صارت بعده كما كانت، ذات مبدأ مثالي وذكر طيب، إذ كان هم السادات الارتماء في حضن أمريكا ونبذ كل من نظر لمصر كدولة مثالية يحبها العرب، فتدفع بسبب ذلك الثمن في مرؤة، كما كان يصنع ناصر، بل أراد السادات أن تكون مصر دولة انتهازية تنفرد بالقرارات ولا تأبه بأي صورة لناسها أو تاريخها، المهم مصلحتها، ثم سار مبارك بعده على نفس النهج، فاستمر في نهج انتهازية الدولة، واستفاد بمرور الصدمة الأولى التي وجهها السادات للعرب، وبنى مبارك فوق ذلك، وحول المصري إلى أداة انتهازية لجمع الأموال من الدول الثرية، فلم يعد يهتم بصورة مصر والمصريين، بل يهتم بالمال فقط.
تلك بعض الأساطير الشهيرة عن عبد الناصر، التي أعجب والله أن يدفعنا طغيان الرجل وإجرامه في حق الإسلام -وهما كافيان لكرهه- أن ننساق لمن يرددها وهي خرافات محضة!
ومن ذلك:
أن الدكتور محمد مرسي رحمه الله أثناء خطبته في مصنع الحديد والصلب، تحدث بالخير عن عبد الناصر في مجال الصناعة، وأنه ينوي استكمال منهجه -كما أذكر- فهاج الإسلاميون على د. مرسي نفسه، وسخروا من قوله، فماذا صنع ناصر من أمر طيِّب؟!
وكنت أعجب من صنيعهم، فالرجل كان محقا في كلامه، وأثبت بهذا أنه خارج المعلبات الجاهزة في توصيف ناصر، بل يعلم جوانبه الخيِّرة والشريرة معا، ويعد باستكمال أفضل ما فيه. لكن الجميع كال له السخرية والاستهزاء مع ذلك، أصنع ناصر خيرا قط؟!
فهذا من عواقب التجهيل بكافة جوانب الظواهر، والتسطيح المقصود = السخرية من إسلامي وصل إلى رئاسة الجمهورية نفسها، والهجوم عليه!
----------

يوليو 2020 FB 

1

من أعجب ما رأيت بعيني، شاب علماني قح، كان يتخير في عروضه بدبلوم السياسة كل ما يتهم الإسلاميين بالخسة والنقص، فسبهم وشتمهم وهو يشرح الفاشية، حتى استفز أستاذ المادة نفسه -المقرب من النظام- بسبب خروجه عن الموضوع، ولم يثنِ عليه سوى رجال حزب النور من زملائه، وصفحته ملأى بالشحتفة والنهنهة والوطنية الصادقة.

ثم أني والله رأيت هذا الشاب في المكتبة صباحا يذاكر قبل الامتحان، وكنت أنا في الماجستير وهو ما زال في الدبلوم لم ينتهِ منه، وعرفت ذلك من المادة التي يذاكرها، فملت إلى مرافقي دهِشا وقلت: فلان هذا! انظر صفحته! يكتب فيها قبل ساعة: (ادعوا لي يا جدعان مواد الماجستير صعبة أوي)!! وتعريف درجته العلمية أنه دارس للماجستير! والصفحة كلها كربلائيات معاناته في ماجستير العلاقات الدولية!!
فضحك مرافقي، وكان عجوزا، وقال لي: بل ما زال أمامه تيرم كامل في الدبلوم!
قلت متعجبا: ولكنهم أغلقوا إمكان الدخول للماجستير من الدبلوم، أي أن الأخ سيُفضَح لا محالة حينما يُعرف أنه لم يصل للماجستير!!
وظللت أنظر له طويلا، فقد كان من النادر أن ارى كاذبا بذاك التبجح الذي لا تأويل له!
-------------
2
يوجد في الإنترنت منذ زمن بعيد، قسم خاص في المواقع الإباحية عن (الفحش بالمحارم Incest) ومن أشهر أقسامه على الإطلاق: الفحش بالأخت - الفحش بالأم.
هذه الفيديوهات لها رواد بالملايين يوميا، بل وعددهم أكبر من عدد اللوطيين أضعافا مضاعفة. والأمر لا يتعلق فقط باشتهاء معين، كفتى يشتهي أمه مثلا، بل من الواضح أن هناك (ميل) عند (جماعات بشرية) لاستشعار كبر حجم اللذة كلما ارتكبت محرما أكبر.
هل يصح أن نعتبر ذلك هوية؟ فأقول (المحرمي) وأتحدث عن معاناتهم وضرورة تفهمنا لهم، وأنهم مرضى يجب علاجهم؟
أم الصحيح بيان أن تلك (ميول) تدفع إليها النفس وكذا الشيطان، وأنها فاحشة محرمة، وألعن فاعلها، ومن يرتضيها، وأبين لمن وقع فيها أنه ليس (محرميا)، إنما لديه ميل لصنع فاحشة اسمها انتهاك المحارم؟
أتفهمون يا جماعة الفارق بين خطاب (اشتهاء فاحشة) وخطاب (الهوية)؟
أنت أول من تصنف بخطاب الهوية صاحب هوى الفاحشة كنوع إنساني آخر، ليس مثلك!
أنت أكثر الناس إقصاءً له من الجماعة الإنسانية الطبيعية!
نحن نقول هو (مسلم) وقع في (حب فاحشة) منذ نشأته، واستغواه الشيطان بأن ملكت عليه نفسه، وواجبه هو مقاومتها، كما نقاوم كلنا ألوف الفواحش التي يهواها كل إنسان في أعماق نفسه، وليست (هويتنا) اسمها (تلك الفاحشة)! هويتنا هي مسلم عاص، أو محب لكبيرة أو معصية مقاوم لها، أو حتى مسلم واقع في هذه الكبيرة يرجو الخلاص منها = لا أنتسب لتلك الفاحشة بخطاب (هوياتي) يتحدث عن (نفسي) التي تخالف (النفوس الطبيعية) الأخرى!
ما لا يحدثونك عنه، أن هذا الخطاب الهوياتي سلاح ذو حدين =فأنت عندما تقنع إنسانا أن (ذاته) مخالفة للطبيعة، ويشتغل (بمعالجة نفسية) على هذه الذات، وتخرج أنت لتقول الحمد لله قد (أرجعناه للطبيعة) ثم ينتكس هذا الشخص كما يحدث كثيرا، فكيف تظنه يفعل بعد انتكاسه؟ إنه هنا لم ينتكس وقوعا في براثن (شهوة) = لقد انتكس لرجوعه إلى سنخه و(هويته) التي أقنعته أنت نفسك أنها مخالفة لهوية الطبيعيين!
الخطاب النيكولوسي في الإسلاميين خطاب هوياتي يا أهل الخير! خطاب كارثي!
------------------
3
من الأمور التي لا تستقيم أبدا بالنسبة لي، هو الشيعي الذي يناهض العنصرية!
حبيبي أنت تتبع مذهبا يعتبر أن (من عماد الدين وأصوله) وجود سلالة متميزة بذاتها عن كل سلالات البشر وأن كل من (نزع) منها حق الحكم والسيادة، هو مجرم، عدو لله، ولو كان اسمه (أبو بكر) أو (عمر)!
بل الشيعة أنفسهم يعنصرون على خط أبناء (الحسن) لصالح أبناء (الحسين)!
أكرر: هذا مذهب يرى ذلك من (أصول الدين) يا جماعة، وليس رأيا فقهيا يجوز النقاش فيه!
-----------------------
4
من الدروس المهمة لفضيحة النسوية المصرية ياسمين مدكور:
1) أن هذه هي المرة الأولى محليا التي يفشل فيها ترند مناهض للتحرش الجنسي بسبب النسوية! هذا قد يكون غريبا إن لم تتابع فشل ترند (مي تو) عالميا، بسبب النسويات أيضا!
ترند (مي تو) لمن لا يعرفه هو حملة عالمية شاركت فيها النساء ليفضحن المتحرشين بهن، وكان مطلعه الذي جذب الأنظار هو فضح ممثلين كبار في هوليوود ومسؤولين، فتحمست النساء بتعاطف الجميع ومساندتهن، وبدأن في (فضح) هذه التحرشات.
لم خبا نجم هذا الترند؟
لأسباب كثيرة، من أبرزها ما فعلته النساء عامةً، والنسوية خاصةً!
- فلان هذا أمسك صدري وتحرش بي مرات عديدة! = ابن الكلاب! هاتِ اسمه نفضحه! يا جون يا بن الكذا سنفضحك!
يخرج جون على الفيس قائلا بدهشة: يا جماعة دي كانت عشيقتي.. آدي صورنا عريانين عشان تصدقوا!
- فلان هذا ضربني على مؤخرتي! = ابن الكلاب! هاتِ اسمه! يا مارك يا بن الكذا!
يقسم مارك أنها كانت تنافسه في العمل قبلا، وأنها لو كانت تملك شيئا ضده لفضحته، ثم إن مارك (بسكلتة) أصلا لا يحب النساء!
ثم دخلت النسوية لتزيد الكذب بالهرتلة:
تبعا لما تعرضه النسويات، فالنساء كلهن (بريئات) لا يستخدمن مفاتهن للإغواء، ولا يستعملن الجنس سبيلا للصعود في المناصب، ولا يستمتعن بالعبث في مفاتنهن حتى من أزواجهن! وصل الأمر لما قالته لكم المرتدة بنت مدكور: حتى لو زوجك في منتصف العملية الجنسية وأبيت أن يستمر = فهو مغتصب!
وبدأت نسوة يقلن زوجي (أو عشيقي) يغتصبني، وزوجي (أو عشيقي) يتحرش بي، وزوجي (أو عشيقي) يمسك مفاتني!
طبعا الموضوع هنا دخل في إطار الهذيان والميلانخوليا!
وبدأ الرجال في الغرب يحتاطون من النساء.
رأينا هذا في حادثة طلاق الممثل الأمريكي جوني ديب: لقد سجل لزوجته وهي تشتمه وتلعنه وتهدده وتتوعده بينما هو هادئ صابر، فلما خرجت لتقول للناس (مي تو) وتبكي من قسوته وإجرامه وتتهمه بكل نقيصة، أخرج ما عنده من فضائح تظهر سفولها وإجرامها!
لم يكن جوني ديب وحيدا.. العديد من الشباب أخرج فيديوهات مثل تلك.. وقد رأيت إحداهن تبكي وهي تضرب نفسها وتهدد صاحبها، وهو يصوِّر كل ذلك ويقسم إنه لن يدعها تتهمه!
النسويات يردن أن يكون الجنس (حقهن) يستخدمنه كما يشأن! هن مثلا أحرار يستكملن العلاقة حتى يقضين وطرهن، وبعد ذلك أنت مغتصب إن استمررت في الجنس! لذا سخر الشباب من بنت مدكور في هذه النقطة، ولم تفهم (الزانية المجاهرة) لم يسخرون منها!
يردن أن تكون أي معادلة تتضمن وجود (امرأة + اتهام + رجل) تساوي فورا = صدق المرأة والهجوم على الرجل!
النتيجة كان فشل (مي تو) وظهور أن النساء يكذبن كذبا مدهشا!
هذا جانب لا يصدقه الرجال لكنهم تعلموه بصورة صعبة: أن النساء يروين قصصا فيها ألوف التفاصيل، وبعضها دقائق حقيقية بريئة، لينتجن اتهاما مفصلا مركبا معقدا جدا، يصيب الرجل نفسه بالحيرة! مستحيل أن يصدق الرجال (وأكاذيب الرجال كثيرة لكنها مجملة) أن في وسع كائن حي رواية قصة من مئة ألف سطر كلها مخترعة من أولها لآخرها! ما كل هذه التفاصيل؟! هوس النساء بالتفاصيل مشهور لكن رؤيته في الواقع دوما صادمة!
ترند التحرش هنا انتهى بفضيحة لإحدى ربات النسوية! سيناريو مشابه لما حدث عالميا! النساء والنسوية هن أعدى أعداء النساء! في هذا صدقت النسويات اللواتي اعتبرن عدو المرأة هو المرأة!
2) كم هوجِمت الفعاليات (الإسلامية) المختلطة، ومجالس الحاكم والسلطان حسن وما إلى ذلك، وكم استهزأ (المثقفون جدا) من هذا الهجوم! ها نحن نرى اثنين من أنشط القائمين فيها كانا متورطين في علاقة زنا لسنوات!
هذا ليس اتهاما للمخالطين والمخالطات بالزنا.. ليس تعميما أنهم جميعا فاسدون = لكنه بيان أن الاختلاط والالتزام بالشرع لا يجتمعان! لا يوجد شاب طبيعي لا يحتاج إلى علاج بالهرمونات إلا ويعتقد في قرارة نفسه أن الله خلق يده ليمسك بها صدور النساء ويضربهن على مؤخراتهن! هذه الفاجعة الرهيبة لكنَّ يا فتيات اسألن فيها أمهاتكن وستعلمن أنها حقيقة مطلقة تعرفها كل امرأة بعد أسبوع واحد من الزواج! لا يوجد شاب طبيعي لا يفكر في الفتيات كيف يكُنَّ وهنَّ عرايا! تلك حقائق لابد أن تعلمنها! تشريع منع الاختلاط الهدف الرئيسي فيه هو حمايتكن من شهوة الرجل الأجنبي! كل ما يحتال عليكم به الشباب، أو يحتال الشيطان به على الشباب كي يغويهم بالاختلاط = باطل وخطر عظيم!
3) الدرس الأخير، أننا رأينا أن هناك شخص (ذكر) اسمه (زوج ياسمين مدكور)!
---------------------
5
لكل أخ متأثر بهراء الذكوريين، قبح الله سفاههم = كلما تحدثت عن النساء، استحضر صور أماتك في الدين: خديجة وعائشة، وباقي أزواجه صلى الله عليه وسلم، وأمات الأنبياء والرسل، ثم أمك في الدنيا أخيرا، إذ لم يرد عن نبي إلا وجوب برهن وودهن وعدم إيذائهن بزفرة هواء، وما منهن إلا وتكوينها النفسي كان فيه غلبة العاطفة، ويسر الاتباع، وغيرة النساء، لأن هذا هو ما جبلهن الله عليه، وليس ذلك ذما في ذاته.. فإن رضيت يا فتى أن تتخذ خطاب (التحقير من النساء) في حقهن -أي أماتك-، فلا بأس عليك، فليس بعد صنيعك حينئذ ذنب / وإن لم ترض، وقلت لا أعمم النماذج السيئة، والصور الخائنة، فقد أجبت نفسك، فتحشم وتأدب، فنهاية طريقك بغي وسفول وطغيان.
ولكل أخت متأثرة بهذي النسويات، لعن الله إجرامهن = كلما تحدثتِ عن الرجال، استحضري صورة آبائك في الدين: الأنبياء وصحابتهم، وأبوك في الدنيا، وما منهم إلا وتكوينه النفسي فيه حب النساء، وقد قالها خير خلق الله كلهم، ولم يقل حب (امرأة)، ولم يرو الإقتصار على واحدة إلا في حق النادر منهم، ولم يذكر واحد من أهل العلم مديحا للمقتصر، وذما للمعدد، كيف والأنبياء والصحابة لم يقتصروا، فقد جبل الله الرجل على حب (النساء)، وليس ذلك ذما في ذاته.. فإن رضيتِ يا فتاة أن تتخذي خطاب (التحقير من الرجال) في حقهم - أي الأنبياء والرسل والصحابة - فلا بأس عليكِ، فليس بعد صنيعك حينئذ ذنب / وإن لم ترضِ، وقلتِ لا أعمم النماذج السيئة، والقصص المشينة، فقد أجبتِ نفسك، فتحشمي وتأدبي، فنهاية طريقك بغي وسفول وطغيان.
ولا يظنن ظان أني أتودد للنسوة بذكري الرجال أولا، أو للذكور بذكري النساء آخرا، إذ (طُزٌّ) في كليهما، الذكوري والنسوية! إنما مرادي نصح الأتقياء الرجاعين للحق وحدهم.
--------------
أغسطس 2020 FB
1
في العلاقات الدولية وصل بالنسويات التخريف لربط المفاهيم الكبرى كلها تقريبا بجنس الحكام.
الحرب تشتعل = بسبب عدوانية الذكور، نسونة السياسة الدولية ستقلل الحروب وربما ينتشر السلام الأبدي وتنتهي الحروب.
الدولة عمادها السيادة = بسبب غرور الذكور والمجتمع الأبوي، نسونة الدولة ستجعل الديمقراطية والحب والإخاء ينتشر وربما تختفي الدولة نهائيا ويتوحد العالم.
الجيوش تتدرب على مفاهيم الرجولة وحماية النساء والأطفال = وذلك قمة المجتمع الذكوري الفاسد، فالنساء لسن بحاجة لذكور للحماية، والرجولة ليست ممدوحة كي تتدرب عليها الجيوش حصرا.
وهلم جرا.
والحمد لله على ذكورة حقل العلاقات الدولية، وظهور النسوة فيه كالأجانب!
--------------
قرأت مقالا لإحدى النساء، تضع فيه مقتطفات من محاضرة للدكتورة هبة رؤوف عزت، تذم فيها انشغال ‏النسوة بأعمال البيت المعقدة (صناعة المحشي في المثال)، وتحاكمهن لمجتمع (الصحابيات) الذي كان مشغولا ‏بالحياة العامة، وتضرب الأمثلة على وظائف خير النساء، ففلانة (خطيبة) وفلانة (تاجرة) وعائشة متعددة ‏الوظائف، وهكذا.‏
وقد أحببت أن أكتب ردا بالغ الإيجاز، لا تمكُّث في تحريره، ولا تأنٍ في بحثه، فليعتبره القارئ مجرد ‏اعتراض مختصر.‏
وقبل الدخول إليه، أحب للقارئ أن يُدرك أمرين:‏
أولهما أن جوهر الخطاب النسوي للدكتورة هبة ليبرالي النوع، فهو معروف بطابعه التصالحي المحافظ ‏غربا قبل شرق، وعليه فهي لا (تُصادِم) النص التراثي، إنما تعيد تأويله لمزاجها النسوي، وتساعدها عوامل ‏عدة في تمرير خطابها ذلك، فهي إنسانة خلوقة مهذبة ذات خطاب جذاب لقطاع عريض من الفتيات، ولا ‏يختلف في ذلك عاقلان، كما أن النسوية الليبرالية تحديدا مُعرِقة في التيار الإسلامي، وجذورها تبدأ في ‏عصر حسن البنا رحمه الله وجماعته، وطرحها ليس أجنبيا بالكلية عن كتب الشيخ الغزالي أو منظرات ‏الإخوان السابقات عليها، وهذا أدعى لأن يُستقبل بهدوء، يساعد عليه زهدها هي نفسها في المعارك ‏والصراعات.‏
ثانيهما، أن عماد خطاب د. هبة منذ نشأت هو إزالة كافة (الأوهام المجتمعية) حول التقسيم الجندري ‏الطبيعي للمجتمعات الإنسانية، والذي يضطلع فيه الرجال (بالمجالات العامة)، وتوكَّل فيه النساء (بالمجال ‏الخاص)، ونادرا ما قرأت لها في غير هذه الفكرة. وهذا أس من الأسس الجامعة للنسوية بكافة أطيافها، بل ‏هو الأقدم على الإطلاق، ومن هذا الأس يأتي الأس الثاني، وهو إلغاء حتمية المجتمع الأبوي وفطرية ‏‏(البطريركية)، وأسلمة ذلك في الخطاب النسوي المتأسلم يكون بالطعن في مفهوم القوامة وتقليصه قدر الإمكان ‏‏(الليبرالية) أو حتى التخلص منه جميعا (الراديكالية). وفي المحاضرة المنقولة تدور تروس هذين الأسين ‏الفلسفيين في خلفيتها، لكن لما كان ذلك التجريد من المحالات لغير العارف بجذور النسوية وأسسها الفلسفية ‏الكبرى = كان استدعاؤه من أشق الأمور على الناقد غير الفاهم للفلسفة، ومن أصعب الأمور على التصديق ‏من المحب الرافض للتأويل والتفلسف.‏
والآن لأبين أبرز مواطن خلل تلك المحاضرة، والتي تتمثل في الآتي: ‏
أولا) تعميم حالات الاستثناء باعتبارها (الأصل الرشيد) [تطويب الندرة].‏
لا تنفك تستحضر النسوية الليبرالية الإسلامية النماذج النادرة التي تعمل فيها إحدى الصحابيات، كي تجعلها ‏هي (الأصل الرشيد) للمرأة الذي يجب بعثه وتعميمه على النساء / وإذا سألت وأين باقي عشرات الألوف ‏من الصحابيات اللواتي كن (يقرن في بيوتهن) ولا يخرُجن، المسكوت عنهن، لا تجد ردا! أين السيدة فاطمة ‏وباقي بنات النبي مثلا؟ أين زوجات عمر وأبي بكر اللواتي لم يُنقَل عنهن عملا؟!‏
تستدعي النسوية الليبرالية هنا الندرة، وتعممها، وتجعلها هي الأصل الذي تُحاكم إليه النساء، ويطلب منهن ‏الاقتداء به!‏
ثانيا) قلب الاستثناء الحياتي وظيفةً [تضخيم الأعمال].‏
تُطلق النسوية الليبرالية زمانا هذه النُدرة، فتجعل أداء الصحابية لعمل ما، بأشراطه التي أولها بالطبع عدم ‏مخالفة الشرع، وإذن وليها، لمدة محددة زمنا = من المطلقات زمانا! فإن ذهبت صحابية للتطبيب في غزوة ‏‏= فهي طبيبة! إن وضعت صحابية مالها تتَّجر به في أيدي الرجال = فهي تاجرة! امرأة قامت تتحدث في ‏جمع = تصبح خطيبة النساء وشريكة النبي والصحابة في الحكم!‏
سلمنا أن عائشة رضي الله عنها فعلت كذا مثلا، أيصح أن نقول حينها: كانت (وظيفة) عائشة فعل ذلك؟ أم ‏كانت وظيفتها (زوجة) في بيت النبي؟! فعلت الصحابية الفلانية كذا، أكانت تلك (وظيفة)؟ أم كانت فعلا ‏استثنائيا، ووظيفتها الحياتية فعلا هي (زوجة وأم) تصنع المحشي وتقضي الساعات في الكنس والطبيخ؟!‏
ثالثا) المضاهأة بين الواقع الوظيفي المعاصر ومجتمع الصحابة [تجاهل الاختلاف المجتمعي].‏
وذاك من أشنع المخالفات التي تتجاهلها عمدا يوتوبيا النسونة الإسلامية، فالواقع الوظيفي المعاصر مزكوم ‏بالمخالفات، فالأصل فيه هو الاختلاط بمعناه المحرم، والتضاحك وإزالة الفواصل بين العاملة والزميل، أو ‏الأستاذة والتلميذ (الذي قد يصغرها بأعوام قليلة أصلا)، وتحديد ساعات عمل معينة لا يمكن التغيب عنها، ‏ومشاركة رب عملها الولاية الشرعية والقوامة مع وليها الأصلي، بما يفوقه غالبا، فيكون له أن يتحدث ‏فتضحك ويأمر فتطيع وينهى فترهب ويُعطي فتركع ويمنع فتسجد! فهذا الواقع الوظيفي المعاصر، الذي هو ‏مخالف للشرع بدءًا من فلسفته كلها، وصولا إلى جزئياته ودقائقه، كيف له أن يُضاهى بواقع عصر ‏الصحابة؟
والعجب أن تجد شخصا مثل د. هبة رؤوف، لها ميول يسارية نقدية واضحة، وهي فلسفات أعملت أداة ‏التأويل بلا رحمة طوال أكثر من نصف قرن لبيان (العبودية الخفية) في المجتمع الوظيفي المعاصر، وكيف ‏أن الإنسان فيه لا (يتحرر) إنما (يُقضى) على إنسانيته باسم الوظيفة / ثم تجمع مع ذلك الترغيب في ‏الانضمام لهذا المجتمع الوظيفي، ولا تُفرِّق بينه وبين معنى المجتمع الوظيفي في عصر الصحابة.‏
رابعا) المضاهأة بين المعنى المعاصر للوظيفة المعاصرة ومعناها في مجتمع الصحابة.‏
فتجدها تتحدث عن (تمريض) المرأة للصحابة في معركة، باعتبارها (وظيفة طبيبة)! ‏
لاحظ أننا هنا لا نتحدث عما أوردناه في النقطة الثانية، أي إطلاق الاستثناء، بل نقول سلمنا بأن هذا ليس ‏استثناءًا، فإن (معنى الوظيفة) أي توصيفها ومقتضياتها، مختلف بين العصرين.‏
فخريجة كلية التجارة التي تعمل في البنك أو المحاسبة تسع ساعات أو حتى تدير هي بنفسها شركة تنهر ‏الموظفين وتختلط بالرجال ويشبهونها بالفراعنة = كيف توصف بالتاجرة كما كانت خديجة رضي الله عنها ‏التي كانت (تملك المال) وتولي الرجال العمل جميعه؟!‏
إن الصحابية التي ذهبت بضعة أيام كي تضمد الجرحى في ظرف قاهر كالحرب يحتاج للنساء بسبب ‏انشغال كافة الرجال، ليست كالأخت (الطبيبة) التي تمنع عن نفسها الزواج حتى الخامسة والعشرين كي ‏‏(تحقق ذاتها وتنجح في دراستها)! كما أنها لا تذهب من السادسة صباحا إلى الليل، أو تُستدعى فجرا كي ‏تهرول إلى عملها لطارئ!‏
إن مصطلح (طبيبة) بالمعنى المعاصر لم تكن النساء يعلمنه، وهكذا في كل المصطلحات تقريبا، وذاك مما ‏يُغفل الخوض فيه. ‏
خامسا) تجاهل عنصر الولاية والقوامة ودوره في تحديد ما للمرأة فعله.‏
في الإسلام للولي وحده حق تزويج المرأة مثلا، فهي دوما داخلة تحت سلطان رجل، فإن اختلعت من أبيها ‏أو زوجها لفسادهما مثلا (وهذا يكون بحكم قاضٍ)، ينتقل سلطانها إلى القاضي، حتى يصل إلى سلطان ولي ‏أمر المسلمين نفسه، فالمرأة داخلة دوما تحت ولاية رجل، ومعلوة دوما بذي سلطان يقوم عليها. وللولي حق ‏منعها من العمل أو الخروج، ولا ينازعه في ذلك أحد، إلا إذا منعها حقها الشرعي في مثل الكسوة والمطعم ‏والمقر الواجبين عليه، فهنا فقط أجاز الفقهاء لها أن تخرج وتكتسب النفقة بالعمل، ولا يعني ذلك وقف ‏ولايته، فهو يملك حق ألا تنشز عليه، ويكون خروجها دون إذنه ها هنا مستثنى من النشوز للضرورة، لا ‏تجويزا للنشوز مطلقا! فليس له أن يمنعها أن تُطعِم نفسها وأولادها إن أخل بما قدره الفقهاء، ولا تكون ناشزا ‏إن عصته في هذا، لكن له الحق أن يرفض خروجها في غير ذلك، وهكذا.‏
إذن المرأة ليست (طرزانا) يحدد هو أن يعمل ويخرج (ليحقق ذاته) أم لا، بل مشروط تحركها بموافقة ‏وليها، وهذا الحق هو العمل الأكبر في خطاب النسوية الليبرالية، وعملهن يدور دوما حول (ذم) فهم الفقهاء ‏الذكوريين للشرع، وتهذيبه لكي يوافق (الجتمع الأبوي)! فيظهرن لا كمهاجمات للشرع، بل (للفهم) الذكوري ‏له!‏
سادسا) الخطاب التحقيري للنسوة الموافقات للفطرة والملتزمات بالأدوار الاجتماعية التقليدية.‏
فتلك النسوة لما كن لا يعملن في المسميات الوظيفية المجتمعية العامة، وكن ينشغلن ببيوتهن وحدها = كن ‏أشد الناس إثارة لغضب النسويات، فمعلوم الهوس النسوي الغاضب دوما من فكرة التقسيم المجتمعي ‏للوظائف إلى عامة كالسياسة والتجارة وخاصة وهي البيت والتنشئة والتربية، يتولى أولها الرجال، وثانيها ‏النساء. لا توجد نسوية على وجه الأرض لا تحمل هذه العقدة ولا تدعو إلى كسرها بخطاب يُحقِّر من شأن ‏اللواتي يقرن في بيوتهن ويجعلن عملهن هو ما فطرهن الله عليه. ويتجلى ذلك في وصف النسوة الغارقات ‏في أعمال بيوتهن كوصفات الطعام المعقدة بأنه (من السفه، الذي سبب انتكاس المرأة ثقافيا وفكريا).‏
أخيرا،
ذاك غيض من فيض مما في نسوية د. هبة رؤوف الليبرالية من خلل في محاضرة واحدة فقط، وأعتذر عن ‏الاختصار الشديد، وعدم الإحاطة بكافة مواطن الخلل، لكن أحسب أن ذلك المقال على سرعته كافٍ كي ‏ينتبه القارئ فيما يسمعه من الدكتورة. ذاك أن بسبب عدم فقه أغلب الناس لأصناف النسوية، يحسبون أن ‏الدكتورة في ردها على النسوية = غير نسوية هي ذاتها! والحق أنها ترد كنسوية ليبرالية، على النسوية ‏الراديكالية المتطرفة، وتسميها (النسوية) دون توصيف، فلا ينتبه أحد لذلك، بل يردون مستنكرين: كيف ‏تقولون نسوية وهي ترد على النسوية؟! ولا يعلم أولئك أن بين أصناف النسويات ما صنع الحداد من الردود ‏والمعارك، ومن أبرزها بالطبع معركة الليبرالية (الإصلاحية، التصالحية) - الراديكالية (الثورية، ‏الصراعية)!‏
والله الهادي القاصم والولي الناصر.‏
[عمرو عبد العزيز]

#نقد_نسوية_هبة_رؤوف_عزت
.
للمزيد من آرائها المبتدعة الأخطر، والمعادية للشرع والمهاجمة لإجماعات فقهاء الأمة، والمخالفة لعلوم النفس والاجتماع، شاهد الحلقات الآتية:
https://youtu.be/fwZWPMJ0nCM
https://youtu.be/kJor1iJ-SEc
https://youtu.be/_4hpEq5_6t8
--------------------------------
2
في رأيي، والله أعلم،
على الأقل مقارنةً بالمصرية القديمة = فاللغة العربية، وربما أقول الأدب العربي الجاهلي وحده، يفوق كل ما وُجِدَ من الأدب المصري القديم الذي امتد لحوالي 3000 سنة!
وقصيدة مثل معلقة امرئ القيس، لا تجد لعشرة أبيات منها فقط نظيرا في إبداع التصوير والتفنن في ألوف النصوص المصرية!
بل لا يمكن فقه عمق الإعجاز القرآني، أن يتحدى الله العرب باللغة والأدب، إلا عندما تطلع على الأمم التي أحاطت بهم، والتي فاقتهم في كل شيء تقريبا، إلا اللغة وإبهار تركيبها واستعمالها!
إن طعن قوم ليس لديهم بين البشر ما يُفاخرون به إلا اللغة والأدب الشعري والنثري، وليس لدى البشر نظير لما عندهم في هذا الباب، هو إعجاز والله وأي إعجاز!
ومن لا يصدق، فليطلع على (لُباب) الأدب القصصي والشعري المصري القديم، وله كتب نشرت تجمعه، وليقارنه بقصيدة من المعلقات، كي يفهم كلامي جيدا!
وأرى أن مما انتفع به العرب في تطوير فنونهم اللغوية وآدابهم:
1) شفوية اللغة!
ذاك أن لغة العرب كانت منطوقة بالأساس، لا مكتوبة، وكان تدوينهم الحفظ وتناقل الأجيال.
بينما المصرية القديمة كانت منطوقة ومكتوبة، لكن تدوينها كان بالحفظ على الجدران، وبالخط الهيروغليفي، الذي تحكم في خصائص الكتابة، فمن ذلك، أن الكتابة لما كانت نقشا وصعبة الرسم، والمصريون القدماء كانوا مهووسين بالنظام ودقة مقاييس رسم كل حرف (القدماء بأه!) فكان طابع اللغة المكتوبة الاختصار المذهل! حرف مثل العطف (الواو) مثلا لن تجده إلا في نهاية الحضارة، الكتابة موجزة جدا ومُلغَّزة بسبب الرغبة في عدم الاسترسال.. لا يمكن الاسترسال من الأساس.. كل حرف ستكتبه سترسم عصفورا أو بومة أو نسرا أو جاموسا! أصغر الضمائر المتصلة سترسم لها ثعبانا في أقل الأحوال! الكتابة عملية صعبة وشاقة جدا، خاصة مع الرهبة من (العك) في الرسم! اللغة المصرية كان اسمها (مدو نثر) أي لغة الإله، وبالتالي الخطأ فيها هو بشكل ما إهانة للرب!
إن شفوية العربية جعل تطويرها أسرع وألين من تطوير المصرية القديمة التي عطلها الإيمان الديني بقدسيتها، والتمسك طويلا بخط الكتابة الأجمل والأصعب على الإطلاق بين كافة خطوط الدنيا.
2) القبلية والتشتت!
وتلك كانت ميزة لتطوُّر اللغة!
في مصر القديمة، كان رجال طبقتي الكتاب البيروقراطية، والكهنة الدينية، هم فقط من يحوزون شرف الكتابة، وقد كانوا دوما جزءا من الدولة (الرسمية).
بالتالي فالأدب (الشعبي) الذي هو أصل الآداب كلها شبه منعدم، أو نادر، مقابل الأدب (الرسمي) الذي كان يهتم بالحكم والمواعظ والقصص الديني المُتكلِّف والأسطوري. نادر أن تجد (مشاعر) المصري القديم العادي غير النبيل مُصوَّرة. اللغة (منشورات رسمية) لوجود دولة واضحة المعالم حتى في لحظات الثورات والتفكك.
في العرب سمحت القبلية وعدم وجود هيكل (رسمي جامع) يربط اللغة به، في نشر الذاتية فرأينا الشعراء واطلعنا على خبايا نفوسهم ومغامراتهم الصبيانية والنسائية وأحلامهم وأمانيهم، حتى الصعاليك والسراق سمعناهم بوضوح. لذا هو (أدب شعبي) لا رسمية فيه ولا تكلف.
والله أعلم،
---------------------
3
ما يحدث في لبنان اليوم مع ماكرون والتوقيعات والمناشدات لرجوع الغزو الفرنسي هو التفجير النووي الحقيقي في الأمة!
دمع قلبي لم يجف بعد من مشهد كلاب أمريكا وهم في ساح بغداد، وإلى الساعة لا أتحمل رؤية مشاهد هذه الوقعة الكبرى، ولا أعرف كيف لا تزلزل الأرض في بيروت وغيرها من الخونة السفلة المناشدين غزو فرنسا!
ولا يتحججن أحد بسوء أنظمة العرب، تلك خيانة كبرى لا تُبرر!
--------
4
ومن فوائد بحث التنسون في خطاب د. هبة رؤوف، التي تعرفت عليها في تراثها الإنجليزي، لكن ليس لدي خطط لاستعماله، فيمكن للمهتم أن يبحث فيه، مع ضرورة انتباه الراغب في البحث أن يقرأ الورقة ولا يحاكمها بالعنوان، وأن يطلع على إنتاجها الحديث ومدى اتصاله بالقديم:
الدكتورة لها ورقة مشتركة في عام 2004 مع زوجها بالعنوان الآتي:
Towards an Islamically democratic secularism
نحو علمانية ديمقراطية مؤسلمة.
الملخص الذي قرأته للورقة أنها تريد الخروج من نطاق العلمانيين والإسلاميين بإنتاج طريق ثالث، علمانية مؤسلمة.
--------
5
يوميات التنسون، للأصدقاء :)
_
من الأمور اللطيفة التي اكتشفتها بالأمس، أن إنجيل التنسون الإسلامي الذي يغترفن منه هو كتاب (تحرير المرأة في عصر الرسالة)، ذهبت اليوم إلى دار السلام أشتري كتب ابن القيم والغزالي وابن الجوزي، فصادفني هذا الكتاب خلف البائع، وكان آخر نسخة (في مصر) عند دار السلام، فاشتريته لكي أفلس تماما، وأرجعت بعض كتب ابن القيم :)
من الاطلاع المبدأي:
يبدو أن (الجزء الشرعي) من خطاب د. هبة رؤوف مستل من هذا الكتاب نصا، حتى الأمثلة المضروبة والمبالغات والاختيارات الفقهية. ولعل هذا هو سبب رفضها أن يوصف خطابها بالنسوي، بل دوما تقدم نفسها كمعادية للنسوية = إنما تصفه بخطاب تحرير المرأة وتمكينها.
ما وجدته إلى الآن من الباحثين الأجانب في تعاملهم مع هبة رؤوف صنفين:
1) الصنف الأول يتعامل معها بما وصفت به نفسها، فيقول عنها إنها ذات خطاب تحريري للمرأة، ولا ينسبها للنسوية الإسلامية، فهم يذكرونها في إطار نقاش النسوية الإسلامية، لكن مع عدم تصنيفها هي كنسوية بسبب مزاعمها الاستقلال والخصومة.
2) الصنف الثاني (جله باحثون أجانب) فيتعاملون معها بالمضمون والمحتوى لا بما تروجه عن نفسها، فيذكرونها في جملة (النسويات الإسلاميات Islamic feminists) ولا يأبهون بما تقوله عن خطابها.
هناك أحد الباحثين أضحكني، ذكر دعواها الانفصال، فأوهم أنه من الصنف الأول، ثم أكمل حديثه عن النسويات الإسلاميات التي من أبرزهن هبة رؤوف.
-----------
6
ومن لطيف ما رأيته هذه الأيام، أن المتنسونين والمتنسونات يستقوين بخطاب (التحديث) وأن ما مضى لن يرجع، ولابد أن تتعاملوا مع الواقع = والمفترض أن القائل مصلح أو مصلحة مسلمة ممن يؤمنون بحاكمية الشرع وضلال الليبرالية ويسعون في تغيير الواقع!
وقد ذكرني هذا بخطاب أحدهم حين قال منذ أسبوعين إن خطاب (تهميش الأقليات الجنسية) لن يرجع، قد مضى هذا الزمان، لابد أن تتعاملوا مع الواقع = والمفترض أن القائل معالج مسلم يؤمن بحاكمية الشرع وضلال الليبرالية ويسعى في تغيير الواقع!
الاستقواء بخطاب (العصرنة والواقع المفروض) ضد أي دعاوى (تجاوزها التاريخ)، كان وما زال من علامات من؟
-------
7
قبل عامين، حدث تواصل مع الدكتورة هبة رؤوف على الخاص، وقبل أن يتشعب الحديث، أذكر تصريحي لها أن لي مؤاخذات ضخمة عليها فكريا، وأني سأنقدها قريبا -وكان لدي مشروع وقتها بالفعل- وأعلمتها أني أعرفها بذلك كيلا تُصدَم، فرحبت جدا أن أنقدها، وقالت كلاما عظيما في قبول الرأي التفكيكي. وحدثت في كلامها الباش ذلك عدة إخوة معروفين تواصلوا معها قبلا، فأكدوا صحة كلامها.
ولا أعرف أتتذكر الدكتورة تلك المحادثة أم لا، بين ألوف المحادثات، لكن أخشى أنها نسيت.
أما الإخوة، فلي معهم حديث مطوَّل جدا عن معنى (منكم لله)!
--------
8
بسم الله،
الحق أن التنسون متغلغل فوق ما تتصورون، وما أرصده لكم موجود في هذا التيار منذ عصر بعيد، لكن الذي يحدث الآن هو الآتي:
الأول: تآكل شريحة طبقة النسوة المحسنات الطيبات لصالح تضخم سرطاني عرضي لشريحة نساء التنسون والندية مع الرجال.
الثاني: انتشار طولي للتنسون (النسوية المتأسلمة) في كافة قطاعات التوجهات الإسلامية، من السلفية إلى الأشعرية، ومن الإخوان للجهاديين.
الثالث: تحوُّل التنسون من النمط الليبرالي ذي الطرح اللين، إلى النمط الراديكالي المخاصم للرجال المتطاول عليهم وعلى فقهاء المسلمين.
الرابع: الجهل الفاحش لأسس التنسون، واعتقاد المتصدرات أنهن بعيدات عنه، بينما هن غارقات في مستنقعه.
الخامس: الخشية من رصد التنسون وعلاماته على أعيان المشهورات هنا من النساء، وقبول رصده فقط لاعتبارات داخلية إسلامية-إسلامية، ويظهر هذا مثلا في قبول البعض رصده عند هبة رؤوف، ثم رفض رصده في غيرها لأنهن (أخوات نحسبها على خير - وبالتأكيد مقصدها طيب) ومن قال لكم أني أحسب هبة رؤوف تقصد شرا؟! بل مشهورات الفيسبوك هن الآن أكثر شهرة وذيوعا من د هبة.
إن وفقني الله سأبين لكم آثار التنسون المسكوت عنه في هذا التيار المنكوب، ولا ترهقن أنفسكن في الدفاع عن (أخواتكن)!
والله المستعان،
---------
9
يأتي إنسان يعيش في أمريكا أو غيرها، فيقول سرا لمن يشمئز من صمته على الفجو.ر ومباركته للفواحش وأهلها كي يقال عنه داعم لحقوق الإنسان: نحن نعيش المرحلة المكية. فلا تمكين.
قلت: بل أنتم تعيشون المرحلة (الخنوثية)! والله ورسوله برآء منكم، إنما كانت المرحلة المكية تنزيل آيات الوعيد بالعذاب والمفاصلة والصبر على إيذاء الكافرين والجهر بحكم الشرع فيمن حاده وقاتله، وكان المرء يأتي للنبي يشكو له ثقل وطأة التعذيب فيثبته بأن يذكره بالأمم الماضية التي نالها إيذاء أكبر ولم ترتد عن دينها، وكان الكفار يأتون النبي يداهنونه حينا حتى يكف دعوته وينزع عنهم ويرتضي بمشاطرتهم السيادة والحكم، فيقسم لهم أن لو وضعوا في يديه الشمس والقمر ما وسعه السكوت.
أما أولئك، فواحدهم أشد عذاب يناله هو قطع البطاقة الخضراء، ورجوعه إلى مصر أو غيرها من بلاد المسلمين = ومع ذلك يبيع دينه بمباركة الطوام تحت عنوان الاستضعاف والمكيَّة! يا رجل قد صمد المكيون والأمهات تُقطَّع أوصالها، والأبناء يُجوَّعون، والمسلمون يُضطهدون ويؤذون، ومع ذلك ما باركوا الكـفر ولا ارتضوا حكمه ولا توقفوا عن قول القرآن (المكي) الذي اشتكى منه بعض المستشرقين، لانتشار الآيات المُخوِّفة فيه!
----------
10
بسم الله،
فهذا ملخص حوار مع أخ كريم طبيب ناجح وبارز، طلب مني أن يفرغه كي أنشره أنا.
السؤال كان عن استشكال طلب المجتمع المسلم لمهن الطبيبة المسلمة والمعلمة وكذا إلخ، فدار الحديث حول إشكالات مهنة الطبيبة المسلمة خاصةً، وهي أكثر الحجج دورانا في الكلام،
تفريغ حديثي:
= سلام عليكم، بص يا مولانا المهن دي فيه اللي بيقوم بيها غيرهم! هقول لك على حاجة - أصل الحجة دي بتتكرر كثيرا: "طب انا هشتغل دكتورة نسا وبتاع عشان مفيش طبيبات"- ليه مفيش؟ مين اللي قال لك مفيش ستات تشتغل غيرك؟ "أصل فيها نقص.." وانتي واحدة هتجبري النقص؟ بيتلكموا على ايه؟ هي بتتكلم عن نقص.. المنهج اللي هي عايزة تعمله بقى إن هي تطلع وتشتغل المهنة دي ..
اوكي عايزين طبيبة مسلمة تكفينا هذا الأمر.. أنا معاكي..
لكن ممكن أفهم بقى الطبيبة المسلمة دي ايه الشروط بتاعتها؟ شروط إنشاء طبيبة مسلمة؟ بص يا مولانا انت دخلت كلية الطب وعارف.. ان شروطها مخالفة للشريعة.. من أولها .. يعني كلية الطب ذات نفسها فيها مشاكل شرعية.. مسألة الجثث والتعامل مع الجثث والحاجات دي في مشاكل شرعية جوة الكلية ذات نفسها..وكذلك الكلية صعبة جدا جدا جدا.. لا تسمح لأحد إنه يعرف يعيش حياة طبيعية معاها.. يعني مثلا إن واحدة تتجوز وتخلف!
يعني واحدة قاعدة لغاية سن 23 24 ماتقدرش تتزوج ولا تخلف، ما تقدرشي!
ثم بعد ما بتخلص.. عندنا بقى الواقع: هما بيستشهدوا بالواقع بالحجة دي: "أصل الواقع.."؟! لا لا تعالوا الواقع يا جماعة.. البنت بعد ما بتخلص بتلاقي نفسها عندها مشكلتين، أولا: انها طبيبة والعقدة بتاعة الثانوية العامة متحكمة فيها، وانت عارف ان المسائل دي مشتركة في أهل مصر كلهم اللي هي العقدة بتاعة الثانوية العامة، بتلاقي كأن الحياة واقفة.. التراكمية الاجتماعية الهرمية كأن الثانوية العامة هي الجنة والنار فالطبيب يحس ان هو بيفهم احسن من أي حد والكليات التانية تلاقي متفاوتة بقى وبتاع!
فكرة عقدة الثانوية العامة مشكلة كبيرة، بيترتب عليها ان البنت بعد ما بتخلص الكلية بتكون [..].. يعني انت دكتور يا (--) عارف كويس ان العمر بتاع المرأة في النشاط الحيوي الجنسي و الإنجاب وكده أقل بكثير من عمر الرجل.. دي واحدة عند الأربعين بتبقى بتشطب .. جابت آخرها.. يعني خلاص.. يعني الحياة الأكتف النشطة جدا فيها ايه هي؟ شبابها ضاع حرفيا.. قدامها 15 سنة بالضبط وهي عندها 25 سنة ولسه متخرجة! قدامها 15 سنة وحياتها تنتهي.. كامرأة كاملة تنتهي.. كشابة وكأكتيف بتنتهي.. قدامها 15 سنة.. احنا كرجالة احنا عندنا يا عم لغاية 100 سنة عمالين نتجوز ونخربها!
فدلوقت البنت دي قدامها 15 سنة تيجي تتجوز ايه بقى؟ شوف كم المشاكل اللي بتعملها.. أولا كلية الطب مابتنتهيش.. بتقعد تبقى عايزة تعمل ماجستير.. عايزة تبقى متخصصة.."مش هينفع أقف .. انا مستخسرة عمري" قدامها لسة الماجستير 3-4 سنين كمان.. تمام؟ عشان تتخصص، وكل دي مذاكرة هتيجي على حياتها.. والحاجة التانية البنت عقدة الثانوية العامة بتاعتها بتبقى أشد بكتير..ليه؟ لأن بتدخل في مؤهلات المرأة اللي هي بتقول انا عايزة اتزوج ايه.. عايزة اتزوج مين.. تبدأ تحط صفات نُدرة.. كان الفقهاء بيشترطوا الكفاءة.. الكفاءة اللي كان بيشترطها الفقهاء في النسب وبيشترطها في المال.. دلوقت احنا بقينا نحط الكليات.. خاصة البنات.. احنا كرجالة طبعا أي واحد طبيب ممكن يتجوز أي واحدة من ورا الجاموسة المهم تدخل مزاجه.. احنا كرجالة مشتركين فيها
البنات الموضوع أصعب.. أصعب بصورة عملية.. البنت الخريجة طب او خريجة الصيدلة او خريجة كل الكليات دي مابترضاش بالكلية اللي اقل منها بسبب عقدة الثانوية العامة دي.. فتلاقي البنت عندها مشكلة جامدة جدا بعد التخرج وتشعر إنها هتتنازل.. وفيه بنات تانية مش عارفة ولا راضية انها تتجوز.. بعضهن تقول طب ممكن اقبل مهندس! حتى سوق الزواج بالنسبة لها ضيق جدا ومحصور على الأطباء بصورة رئيسية.. الغالبية العظمى.. انا بتكلم طبعا إن فيه أكيد اخوات طبيبات بيتجوزوا عادي مابيحطوش العقد دي بصورة كبيرة في دماغهم.. الجانب اللي انت شايفه واحنا كلنا عارفينه.. البنات بالذات الموضوع ده عندهم تحس ان هما هيهينوا نفسهم لو راحوا لأي كلية تانية..
احنا عندنا هنا في مصر في 3 كليات او 4 كليات بيتم زراعة الفوقية والطبقية والاستعلاء فيهم.. الكلية الحربية وكلية الشرطة وكلية الطب وكلية الهندسة.. انتم اعلى واذكى ناس.. ونفس الكلام ده الاقيه بيتقال: هو انتم زي الناس؟ انتو زي الشعب ده؟ انتم مش عارف ايه؟ نفس الكلام في ال4 كليات عمال يتقال .. فالبنت اللي بتطلع مسكينة فعلا عندها مشكلة كبيرة جدا انها تتزوج لأنها موهومة بحاجات كتيرة جدا ليس لها علاقة بأرض الواقع.. بس هي عايزة طبيب.. والأطباء انت عارف الغالبية مابيرضوش يتزوجوا طبيبات.. كتير جدا يروح رايح متجوز كليات تانية يقول لك: يا عم ما اخدش واحدة دكتورة تنزل وتسيب العيال وتقعد طول اليوم برة ولا بتاع لا مش عايز صداع.. يا إما لو خدت دكتورة يبقى عشان تبقى فاهمة ليه انا هقعد اغلب حياتي كطبيب عمال اذاكر وعمال اخرج برة واقعد طول اليوم مطحون الطحنة دي! حياة بائسة يعني!
فهي مهنة الطب برغم البريق واللمعان ده.. هي مهنة شاقة من أشق المهن.. الطبيب بياخد واحد بهذا الشكل.. طبيبة عشان تفهم مثلا.. أحيانا يكون موجود مذهب تاني "لا ما اخدش واحدة طبيبة يا عم تقول لي انا عايزة انزل ولا تروح هي كمان ولا بتاع.. لا آخد واحدة من كلية تانية بحيث ترضى انها تقعد انا مش هبقى موجود في البيت مابقاش انا وهي مش موجودين في البيت"!
الفكرة في ايه؟ ان احنا بنتكلم على أرض الواقع! خلينا نتكلم بقى على أرض الواقع! انت بتدمر حياة البنت اللي داخلة طب.. دي واحدة بتذاكر من اعدادي طاحنة نفسها مذاكرة والأنوثة بتاعتها بتتقتل وانت عارف ده وراضي بيه! ان الأنوثة بتاعة البنات اللي بتذاكر كتير.. مابتبقاش زي البنات التانية.. اللي مدلعين نفسهم واللي هما فعلا بيجهزوا نفسهم انهم يتجوزوا .. عمالين يدلعوا نفسهم ويلبسوا ومش عارف ايه ويقعدوا يحطوا ايه ودي عمالة تذاكر وطاحنة نفسها!
ثم بعد الطحن ده كله تدخل كلية يقولولها اهلا وسهلا تعالي بقى اتفرجي عالطحن اللي بحق وحقيقي.. تقعد تتطحن 6 سنين.. ثم بغد ما الكلية تخلص تتحدف في مش عارف فين وتروح فين.. وبعد كل ده تروح رايحة قاعدة تعمل ماجستير طب والعقدة بتاعة انا هتجوز واحد كليته إيه!
----------------------
11
الحضارات ومنتوجاتها وفضائل الأمم وسبقها، لا تثبت بالادعاء الذاتي!
لا يصح مثلا أن أدعي أن اليونانيين هم أول من اخترعوا الرياضيات والهندسة -وهم يدعون ذلك فعلا- فبردية رايند بين أيدينا، كما أن الأهرام كافية لكي (تخزق) عين أي مدعٍ لهذه الأقوال!
وإخواننا في العراق مثلا يقولون نحن أول من اخترع الكتابة، قبل مصر بحوالي قرنين أو ثلاثة، والنزاع بينهم وبين المصريين يدور حول (لوحات حجرية) هنا وهناك.. هذا نزاع أدلة وليس نزاع ادعاءات ذاتية، بغض النظر عن أيهما يوافق الصواب.
يقول الرومان أنهم أول من اخترعوا أنماطا محددة من التشكيلات العسكرية، لا نسلم لهم في هذا إلا لأن هذا ثابت بأدلة تاريخية، ولا يوجد له دافع.
تلك كلها ليست (آراء) حتى يأتيني شخص ويقول لي:
تعال أناقشك لأردك إن شاء الله إلى الصواب كي تعرف أن أمة كذا هي الأفضل!
كانوا (أفضل الأمم) قبل الإسلام!
يا سلام على الورع والتقوى! يتحدث بيقين وسلام نفسي لا مثيل له، أحسده عليه!
يا إنسان! فكِّر فيما تقول! هذا ادعاء ذاتي يُقال في الأشعار، كذلك الزعيم القبلي البدوي المجهول تاريخيا الذي قال (إذا بلغ الرضيع لنا فطام تخر له الجبابرة ساجدينا)! هذا رجل لا مكان له وسط الكوكب، لا تاريخه ولا حضاراته، ويدعي أن الجبابرة تسجد لرضيع قبيلته! أنت لا تفقه جيدا حجم سخف هذا البيت من ناحية واقعية! إنه من أجمل وأغبى الأبيات التي قالها إنسان! عليك أن تقرأ قليلا في الآداب الأفريقية للقبائل البدائية، وستجد عند بعضها نفس العُنجهية والغرور والتكبر! تصوَّر مثلا أن تجد رجلا مقدما من قبائل الماساي البدائية (وهم بالملايين) يقول شعرا فيه أن جبابرة الأرض الروس والأمريكان والإنجليز يسجدون لطفله! تضحك الآن؟ فكِّر إذن فيمن كان على شماله بيزنطه تسيطر على شمال المتوسط وجنوبه، قهرت منذ قرون طوال حضارات اليونان ومصر وفينيقيا وثلث العالم القديم، وعلى يمينه الفرس يسيطرون من العراق إلى خراسان، ثم كوكبي الهند والصين، ومع ذلك يزعم أن ملوك أولئك جميعا يخرون لأطفاله سُجَّدًا! أولئك أذلاء لنا نحن معشر القبائل التي تتقاتل على بئر مياه!
هذا نقاش (أحمق) لا يجوز لعاقل أن يخوضه! سباق الحضارات لا يكون بالادعاءات الذاتية يا مسكين! وإلا فكل الأمم هي الأعظم في كل شيء، وهي التي اخترعت كل شيء، وهي الأفضل في كل شيء! ولأبي حيان التوحيدي كلام بالغ الروعة في هذا
هذا، وشهادة الفاروق عمر رضي الله عنه، والله، فوق كلامي وكلامكم، إذ يقول: إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام.
وقد صدق الفاروق رضي الله عنه، ووافق مُحكَم كلام العقلاء في الأرض كلها، إلا أن البعض لا يرضيه كلام الفاروق، ويتكلف تأويله لرده بأخس الأساليب وأفقرها، فهدى الله الجاهليين وأطفأ غيظ قلوبهم، فدون مرادهم إثبات أفضلية جاهليي العرب خرط القتاد.
------------
12
أتنكرون على المنكرين تنفيرهم؟
ما حيلتنا وكلما عرضنا لإنسان منكم بالأدب ازور المنقود، وقلى الناقد بالاستعلاء وتحريش المتابعين؟
أكلما أنكرنا مُنكرًا يستعلن به أحدكم ويذيعه بين المسلمين، يكون غرضنا (الهدم والتصيُّد للناجحين والعُلو في الأرض)؟!
قال المتحججون أني أغلظت في خطابي مع شهاب الهواري فأسأت، هذا وكلام شهاب مما لو سمعه الصحابة لشهروا له الأسياف، ولو سمعه المكيث أبو بكر لحرِدَ وانتثر، لكن لنتنزل ونسلم أنكم وافقتم الحق = فلِمَ حينما بررنا بالدكتوره هبة رؤوف وتلطفنا فاقت الإساءات من (الأخوات) ما كان في حال الأول؟!
لم يختلف إنكار إنكار المُنكر بإيناس الأسلوب، بل اشتد!
إنما الحق أنكم أنتم من لا تحبون الناصحين، ولا تحتملون حرفا يبين منكرا ويأمر بمعروف!
إذا تحدثنا في أهلية الشخص قلتم شخصنة ومغالطة، وإذا تحدثنا في سوء الفكرة قلتم اجتزاء وتدليس، وإذا جئنا بالأول والآخر والطم والرم قلتم سوء فهم وجهالة، وإذا تعمقنا وبينَّا قلتم تصيُّد وحقد، وإذا أثبتنا الكذب والتدليس والغلط على الأئمة والرذالة في الشرع قلتم طواغيتُ رأيٍ تَحمِسون الشر في المتابعين!
بل أنتم من لا تحبون الناصحين!
وخطابكم عيي ركيك، لا تحسنون حتى الدفاع عنه أمام نقد يستجلب أسه ويبين عواره!
ثم تقولون: الله المستعان على البغي!
ثم نقول: الله المستعان على الفراعنة!
-----------
13
خلال الأعوام الأخيرة، تبدلت نظرتي للشيخ محمود شاكر تماما! أدركت سبب حدته في عصره، وفقهت دون حكي علة تهميشه العمد من الوسط الثقافي المصري لسنين، وحتى آخر ما كنت أعترض عليه من أخلاقه، أي مسلكه في عدم إخفائه احتقار الخصم الضعيف الظان في نفسه الإبداع، والإجهاز عليه بلا شفقة، منعا لتخريب التراث وتضليل الناس، وكذا عدم تكلُّفه التواضع دون داعٍ، بل إظهار القوة والحزم والاستعلاء بالعلم والحق طوال الوقت، دون إخبات لمبتدعِ همجٍ ناعقٍ، ولا تعظيم لعظيمِ عوامٍ سوقة، أو تقدير لمقدَّمِ نخبةٍ مفسدة.
أتذكر موقفه الشهير مع طلاب علم جاؤوه ليعرضوا عليه كتاب أحدهم، فإذ به يقذفه لهم من النافذة قبل أن يتموا مغادرة محيط منزله، مستنكفا شرعنة الفهاهة ومباركة الفدامة باسم الحياء والمجاملة.
رحم الله الشيخ محمود شاكر.
-----------
14
بمناسبة عيد (غدير خم) الذي يحتفل به الشيعة اليوم، أي الثامن عشر من ذي الحجة -وهو احتفال ناتج من حديث قرَّظ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عليا ومدحه في هذا اليوم عند موضع اسمه غدير خم، فاعتبره الشيعة دليلا على (توصيته) بأن يكون هو الخليفة من بعده- يذكر المؤروخون أن المصريين حينما ملكهم الفاطميون الشيعة، أثار تغيُّظهم صنائعهم في هذا الاحتفال، حيث بالغوا في تزيين القاهرة والاحتفاء بعيدهم.
ففوجئ الفاطميون بالمصريين يشيدون الزينة في كل مكان بعد حوالي أسبوع من موعد عيد غدير خم، أي في السادس والعشرين من ذي الحجة، ويباركون لبعضهم ويوقدون النار، فلما سألوا ما ذاك؟ علموا أن المصريين قرروا الاحتفال بيوم (26 من ذي الحجة) في كل عام، بداية من ذاك العام!
ما السبب يا بشر؟
قال المصريون هذا يوم دخل رسول الله غار ثور مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه!
وكيف علمتم أنه يوم 26؟
(مزاجنا كدا)! (هو بأه بعد أسبوع من أعيادكم)!
واضطر المعز الفاطمي وحكومته للصمت، وإبلاغ العاملين بالتجاوز عن هذا الاحتفال ومبالغات المصريين فيه، وقرارهم إحياء هذه المناسبة عيدا سنويا، ثم أقرهم على هذا كيلا يُستفزّ الناس.
-----------
سبتمبر 2020 FB
1
الخلاصة مما قرأته:
مصطلح (الذكورية) غير مُحرر غربيا، لندرة استخدامه، فهناك من يستخدمونه لوصف البطريركية (الأبوية) كمرادف، وهناك من يفرق بينهما فيقول الذكورية هي أيدولوجيا أن الذكر له صفات خاصة جُبِل عليها تجعله أكثر عقلانية، وهناك من يجعلونه من أيدولوجيات الحركات (الداعمة) للمرأة أو اللو.طية، وهناك من يجعلونه دالا على الحركات (الكارهة للمرأة) المُحقِّرة لها. بل وحتى ضبط المصطلح فيه إشكال، فالبعض يستخدمون masculinism والبعض يستخدمون masculism. فبسبب ندرته وتفرق أهواء مستخدميه، له معان كُثُر.
وكل ذلك معتاد بالمناسبة في مصطلحات الكتابات الإنسانية والمجتمعية، فمصطلحات مستخدمة بكثافة مثل (أيدولوجيا) ما زال فيها التوجهات الثلاثة الشهيرة تتنازع معناها، وكذا مصطلح النسو.ية، وغيره. وهي مصطلحات رائجة في ألوف الكتب، فما بالك بمصطلح نادر الاستخدام، متفرق المعاني بحسب الأمزجة؟
وعليه، عندما يكون هذا هو حال المصطلح، يُرجَع إلى كل كاتب أو مؤلف بحسب تصويره لمعناه، بغض النظر عن استخداماته عند غيره، فإن كان يستخدم الذكورية بمعنى مرادف للأبوية، فهذا ليس كمن يستخدمه بمعنى أيدولوجيا تحقير الأنثى ووصم جنسها بالخبائث والمنكرات. والتفرقة لا تكون بمجرد ادعاء الكاتب، بل بجمع كلامه وسلوكه، وكم من إنسان يقول إنما لا أقول بخبث سنخ المرأة وفساد جبلتها، ثم لا يكون كلامه كله إلا تحقيرا للنساء وإلصاق كل نقيصة بهن ووصفهن بالجنس الخائن، فهذا لو تعلق بأستار الكعبة كي يقسم أنه لا يعني بالذكورية أيدولوجيا تحقير النساء = لم نصدقه!
أما الصبيان، الذين يعتقدون أن هذا المصطلح له معنى واحد واتجاه واحد، وأن التعريفات الاجتماعية مثل التعريفات البيولوجية، واضحة ناصعة لا خلاف فيها، وإن من استخدمها على غير التعريف الذي يعلمه هو جاهل =فلا بأس، هم جهال حمقى لا يعتد بقولهم، وقد كان من اليسير بعدما قرأت أن أخرج لأدعي أن له معنىً لا يختلف عليه اثنان، لكن أين العلم والعدل حينئذٍ؟
ومن الجلي أني أفرق بين مصطلحي (الأبوية) والذكورية، وأني أقصد بالذكورية أيدولوجيا تحقير النساء وذمهن، والله ولي التوفيق.
----
2
كان من أظرف ما قرأت للدكتور سعيد فودة، هو تهليله وترحيبه بسجن الإمام ابن تيمية بسبب (نقاش علمي) فشل فيه (أئمة أهل السنة) وسادة المعقول وأرباب المنقول في الانتصار عليه بالمناظرة، وقد نقلت كلامه في كتاب (الأشعرية الجديدة) وأنا أضرب كفا بكف! جهابذة السنة، المفاخرون بالمناظرة والجدل وقصم ظهر أي خصم، أصحاب الصولة والدولة، يعتقلون من يفشلون في مناظرته، ثم يطبل الدكتور للسجانين ويبين للناس أن هذا كان الإجراء الصحيح!
----
3
بمناسبة اهتمام الأخ أبي حامد المالكي -وهو أحد المستغرقين في الشعر- بكتاب أبي قيس رشيد، لاحظت في نقده الأخير انتباهه لما يعرفه كل من تابع شرح أبي قيس للمعلقات، وهو الإتيان بتأويلات منفردة أو غريبة لبعض مواضع الشعر التي قد يستشعر المرء منها ضعفا إنسانيا في الشاعر، وناتج تلك التأويلات يوشك ألا يخرج أبدا عن إبعاد أي صفة ضعف أو اتهام بهشاشة أو مجلبة لمذمة، والتوكيد الدائم على أن الشاعر هو سيد جاهلي، لا يرضى بكذا وكذا.
وقد لاحظت غرابة التأويلات أول مرة في تحليله شعر امرئ القيس أثناء عرضه معلقته في حلقاته الطوال، فلم يكن ما قاله يشبه ما درسناه في دار العلوم، ولا بأس، لكنه عبر كافة الخطوط التي كنا نعرفها، باسم إخراج المستبطن من الكلمات الظاهرة، وبرغم أنني سمعتها منذ سنوات، إلا أني أذكر له أنه مثلا أوَّل التشبيب بالنساء بأنه تشوق للمُلك، لأن امرأ القيس سيد، لا يكتب إلا للمعالي، وما إلى ذلك من أمور، ورجعت إلى شروح المعلقة فلم أجد فيما وقعت عليه يدي مدخلا إلى كلامه، فمن الواضح أن الملك الضليل كان يستعرض فحولة حقيقية، لا مجال لتأويلها، ومثل هذا من المعروف تاريخيا في كافة الحضارات والأمم، أي التباهي بالقوة الجنسية أو ذم الآخر لضعفه فيها، وقد كان المصريون القدماء مثلا يقطعون ذكران أعدائهم المهزومين، وصوروا ذلك في نقوشهم، ودلالة ذلك الفعل لا تخفى.
وخلاصة منهج أبي القيس التي استنبطتها، هو السعي الحثيث في تنزيه الشاعر الجاهلي، والاجتهاد في تأويل كلامه الساقط، ليوافق صورة طوبوية عن (العربي الجاهلي السيِّد) ذي الأغراض المعنوية السامية، وكنت أعجب من هذا في شروحاته، إذ كما ذكرت لكم قبلا، أن ما ميَّز الشعر العربي مقارنة بالأدب المصري القديم، هو الذاتية، والإنسانية، والفردانية في تصوير المشاعر، لا الموضوعية الباردة الدينية التي نجدها في أدب مصر القديمة. لكن أبا قيس يؤتى غالبا من هذا المدخل، أي تفخيمه المبالغ فيه لشخص الشاعر الجاهلي، وتصويره بشكل يفوق الإنسانية في بعض الأحيان، فيضطر إلى تأويل ما يوهِن منطقه، ليستبقيه سيدا فوق البشر الكهام، ولا أعرف أيطرد هذا في كل شروحاته أم لا، إذ توقفت بعد سماع معلقات أربعة، لكن أبرز ما يمكن أن تعيبه على منهجه، هو المجازفة في التأويل، والبناء على طوبيا شعرية للجاهليين، وقد أسررت هذا في نفسي، وكلمت فيه بعض الإخوة المقربين لا غير، لقلة تجوالي في الشعر، حتى قرأت مؤخرا نقدَ خريت ثبَّت لي كل ما لاحظته.
ملحوظة:
نبهني الأخ حامد أن الشيخ الدكتور أبا موسى رائد في ذاك التوجه، وكان له نقد على مسلكه هذا، وذكرني بكتاب مولانا الشيخ، ولعل ما أنسانيه أني أول ما جوبهت بهذا المنهج كان في سماعي شروح الأستاذ أبي قيس قبل ثلاثة أعوام أو أربعة، وكانت مطالعتي كتاب الشيخ أبي موسى قبل عام واحد، فكأنما التصق عندي أن هذا المنهج لأبي قيس فيه ريادة.
----
4
وحينما تتفكر في صنيع عوام قدماء المصريين، الذين كانوا (يسرقون) مقابر الملوك والأمراء، فظلت لثلاثة آلاف عام معضلة النبلاء والأرستقراطية، من منظور العدالة الاجتماعية، لا تملك إلا احتقار أولئك الملوك الطغاة، واحترام الناس الذين يسمونهم (سراق المقابر)!
تصور أن مصر كانت تمر لقرون بأزمات ومجاعات والناس يموتون في الطرقات، والطغاة يجمعون الذهب والثروات كي يدفنونه معهم في أعماق سحيقة!
وقد كانت تمر بمصر الخطوب والمحن، ويموت الناس في الطرقات جوعا، ولا ينشغل الفرعون إلا بجمع الذهب ودفنه في مقبرته، مهد حياته الأخرى، كأسلافه.
فكان هذا الوضع الشاذ الذي استمر لثلاثة آلاف سنة: المصريون يُعذَّبون فقرا على الأرض، وتحتهم كنوز البلد التي استمر الفراعنة في دفنها لألوف السنين في أعماق سحيقة، واحتالوا بالخدع والسحر والجان لحمايتها من الشعب.
فلم يكن (لصوص المقابر) في مصر القديمة، أولئك الذين يُذمون دوما، سوى ثوار من نوع ما على هذا الطغيان الغاشم الذي لم تر الأرض له نظيرا: إفقار الشعب ودفن كنوزه أولا بأول مع الجثث البالية في أغوار الأرض!
----
5
لا يوجد مثيل تاريخي أعرفه لعقد سبعينيات القرن العشرين!
طباشير (حضارة البهجة) الماركوزية كما لم يتصورها هو نفسه! كل شيء مبهج ملون فاقع مبهرج وأجمل الأغاني مع أبا وغيرها، والصور البديعة والأنماط الجديدة للأفلام، وحتى مباريات الكرة كانت مزدحمة بالمهارات = وتحت كل هذا جهنم قادمة في العقود التالية على مستوى العلاقات الاجتماعية والإنسانية التي زرع هذا الجيل بذورها!
جيل الوودستوك الرهيب!
----
6
أنا لغاية دلوقت بتعجب، إزاي شخص يكون رأسا في توجه معين، أيا كان هذا التوجه، ويكون جزءا رئيسيا من خطابه العُجب بالنفس والغرور والكبر وسب المخالف واتهامه بالجهل والعي والكهامة والخرف، لإنه وصل إلى نقيض ما وصل إليه = ثم يحدث أن ينقلب هذا الشخص ويتبنى التوجه المخالف، فيريد لنفسه الرياسة فيه هو الآخر، ويجعل جزءا رئيسيا من خطابه العُجب بالنفس والغرور، إلخ!
إيه النفسية المريضة دي؟!
----
7
لا يوجد عرق أو شعب، يُحرَم من الوظائف العسكرية تماما، ويتوارث القائمون عليه هذا الإبعاد الحازم المنهجي، ويكون غاية أمانيه الصناعات والحرف والزراعة (الطبقة الوسطى) = إلا ويكون قد حُرِم مشاركته الفعالة في قيادة لا الأمة كلها، بل حتى بلده نفسها، فسيظل حينها ذلك الشعب أو العرق حشو الدولة، لا زبدتها ولا صفوتها، والخطير أن توارث القائمين بالأمر ذلك جيلا تلو جيل، يرسخ تلك القاعدة في نفوس الشعب أو العرق (نحن دوما رعايا لأسياد من عرق آخر).
ومصر منذ العصر الهيلليني، ثم الروماني، فالإسلامي بكافة أحقابه، ابتُليت بأن القائمين فيها توارثوا قاعدة تحجيم المصريين وقصرهم على الطبقة الوسطى، أما النخبة فحكر عرقي - عسكري مخالف لأهلها.
لذا كان يُعرف المصريون بالثورات الشعبية، أما انقلابات السلطة وتبدلاتها فليس لمصري فيها مولج.
انظر مثلا كيف حينما أسقط المصريون سلف محمد علي باشا، وكان بأيدي الشعب سلطان التولية، رُفِض تولية مصري من المصريين أنفسهم، بحجة أن المصريين لا يصلحهم (يخيفهم) مصري، ووُليَّ محمد علي، فكان الناس يُسلِّمون بأن البلاد لا يصلحها غير محارب، ولما كان الشعب المصري مُعطّلا عن الحرب ألفي سنة، لم يكن هناك إنسان يتصور حاكما ونخبة لمصر من غير الأعراق الأجنبية عنها!
ما صنعه محمد علي باشا من بعث الحياة الجندية في المصريين، على سفول تفاصيله، ودناوة أغراضه، هو حدث تاريخي جليل، للأمة كلها، لا للمصريين فقط، فهذا بعث لجندي كان آخر تواجد له في التاريخ العسكري والنخبوي قبل العصور الفرعونية المتأخرة!
----
8


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق