الجمعة، 6 يناير 2023

 لا أعرف هل رأيتم لقاءات بعض كبار رجال عهد عبد الناصر مع هالة سرحان والجزيرة أم لا، لكنها لقاءات مدهشة جدا وثرية جدا.

هؤلاء الناس كانوا (متصالحين مع أنفسهم) تماما! يصنعون ما يصنعون من موبقات وجرائم بإيمان واطمئنان قلب عجيب!
في لقاء مع هالة سرحان، قال أحدهم بهدوء وسماحة عن استعمال المخابرات للدعارة والأفعال القذرة أن هذا عادي.. لم تكن تلك مشكلتهم أصلا مع صلاح نصر، وهذا هو عملهم!
وفي لقاء آخر أعادت فيه السؤال على محقق قضايا فساد المخابرات التي فتحت في نهاية عصر ناصر، سخر الرجل من سؤالها وقال هذا لم نحقق فيه، فدا عادي يعني! سألته مصدومة فقال لها ما يعني أن اللواتي استعملن لسن من بنات الناس حتى يغضب أحد! لا يمكن أن يستعملوا (بنات الناس)، وهذا يعيد للذهن فورا كلام حبيب العادلي أنهم متى وجدوا فتاة (بنت ناس) هتقع في مستنقع بيكلموها وينصحوها! معنى كدا إن الأجهزة عارفة إن (الوسط الفني) دا رجالته ونسوانه مش ولاد ناس ولا عالم محترمة أصلا، فعادي لما يُستخدموا في كدا، ما هما عايشين كدا! يبأه يعملوا كدا (عشان مصر)! في مذكرات اعتماد خورشيد، ذكرت أنها لما قابلت عبد الناصر بعد القبض على صلاح نصر، وحكيها له عما صنع، فوجئت بناصر يقول تعليقا يخفي احتقارا شديدا للوسط الفني!
ولما هو وسط قذر وستاتة أوساخ، ليه تمجيدهم وتصعيدهم مش هنقول القضاء عليهم؟! هذه نقرة وهذه نقرة!
في لقاءات حسين الشافعي تجد توجها آخر بصورة أظهر: التصالح مع الإيمان بالله وبالإسلام، وفي نفس الوقت اعتبار أن السياسة تقتضي كل ما يصنعونه من جرائم وموبقات! حسين الشافعي رجل يظهر تقيا في أحيان متكررة، وفي نفس الوقت متحمسا للدفاع عن أكثر أفعال نظامه من ناحية أخرى!
رجال عصر عبد الناصر مجموعة مدهشة وغريبة، وتحتاج دراسات نفسية سياسية مكثفة، فحتى الفنان تجده يحمل نفس هذا المزيج العجيب المتحمس للدين والخوف من الله ظاهرا، والممارس لأفجر الأفعال عمليا، وهي سمة ستتأصل من بعد ذلك في الوسط الفني وغيره.
ولكن يظل أكثر ما يدهشني كلما شاهدت لقاءاتهم، حتى الفنانين منهم كأم كلثوم وعبد الحليم، هو تلك الروح المتصالحة تماما مع الذات، مع وجود كل تلك الموبقات في حياتهم! حتى من عمَّر منهم ظل إلى آخر عمره يتحدث عما صنع في هدوء بينما تلمع على وجهه ابتسامة ساحرة مطمئنة!
ابتسامة راضية قد يعجز عنها بعض الأولياء والصالحين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق